وقال الكلبيّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : معناه كذلك صنعنا ليوسف.
ومما يشهد لمن جعل لفظة (يَكَدْ) زائدة في الآية قول الشاعر :
سريع إلى الهيجاء شاك سلاحه |
|
فما إن يكاد قرنه يتنفّس |
أي فما إن يتنفّس قرنه ، و «يكاد» مزيدة للتوكيد ، وقال حسّان :
وتكاد تكسل أن تجئ فراشها |
|
في جسم خرعبة وحسن قوام |
معناه وتكسل أن تجئ فراشها ، وقال الآخر :
وألّا ألوم النّفس فيما أصابني |
|
وألّا أكاد بالذي نلت أنجح |
أي لا أنجح بالذي نلت ؛ ولو لم يكن الأمر على هذا لم يكن البيت مدحا.
وروى عبد الصمد بن المعذّل بن غيلان ، عن أبيه ، عن جدّه غيلان قال : قدم علينا ذو الرّمة الكوفة ، فأنشدنا بالكناسة ـ وهو على راحلته ـ قصيدته الحائية ؛ التي يقول فيها :
إذا غيّر النّأي المحبّين لم يكد |
|
رسيس الهوى من حبّ ميّة يبرح (١) |
فقال له عبد الله بن شبرمة (٢) : قد برح يا ذا الرّمة ، ففكّر ساعة ثمّ قال :
إذا غيّر النّأي المحبّين لم أجد |
|
رسيس الهوى من حبّ ميّة يبرح |
قال : فأخبرت أبي بما كان من قول ذي الرّمة واعتراض ابن شبرمة عليه ، فقال : أخطأ ذو الرّمة في رجوعه عن قوله الأوّل ، وأخطأ ابن شبرمة في اعتراضه عليه ؛ هذا كقوله عزوجل : (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) ، أي لم يرها.
فأمّا قوله عزوجل : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها) (٣) ، فيحتمل أن يكون
__________________
(١) ديوانه : ٧٨.
(٢) حواشي بعض النسخ : ت ، ف : «هو شبرمة بن الطفيل» بكسر الطاء وسكون الفناء ، الذى يقول :
ويوم كظلّ الرّمح قصّر طوله |
|
دم الزّقّ عنّا واصطفاق المزاهر |
والبيت من أبيات ثلاثة ، ذكرها أبو تمام في الحماسة ـ بشرح التبريزي ٣ / ٢٣٦.
(٣) سورة طه ، الآية : ١٥.