الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والناس بما كان يضمره من ايثار ضمّها إلى نفسه ليكون ظاهر الأنبياء صلىاللهعليهوآلهوسلم وباطنهم سواء ؛ ولهذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للانصار يوم فتح مكة وقد جاء عثمان بعبد الله بن أبي سرح وسأله أن يرضى عنه ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل ذلك قد هدر دمه فأمر بقتله ، فلمّا رأى عثمان استحى من ردّه ونكس طويلا ليقتله بعض المؤمنين ، فلم يفعل المؤمنون ذلك انتظارا منهم لامر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مجدّدا ، فقال للأنصار : أما كان فيكم رجل يقوم إليه فيقتله؟ فقال له عباد بن بشر : يا رسول الله ؛ إنّ عيني ما زالت في عينك انتظارا أن تومىء إليّ فأقتله ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الأنبياء لا يكون لهم خائنة أعين. وهذا الوجه يقارب الأوّل في المعنى.
فإن قيل : فما المانع ممّا وردت به الرواية من أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى في بعض الأحوال زينب بنت جحش فهواها فلمّا أن حضر زيد لطلاقها اخفى في نفسه عزمه على نكاحها بعده وهواه لها ، أو ليس الشهوة عندكم الّتي قد تكون عشقا على بعض الوجوه من فعل الله تعالى وأنّ العباد يقدرون عليها؟ وعلى هذا الوجه [لا] يمكنكم إنكار ما تضمّنه السؤال.
قلنا : لم ننكر ما وردت به هذه الرواية الخبيثة من جهة أنّ فعل الشهوة يتعلّق بفعل العباد وأنّها معصية قبيحة ، بل من جهة أنّ عشق الأنبياء عليهمالسلام لمن ليس يحلّ لهم من النساء منفّر عنهم وحاطّ من مرتبتهم ومنزلتهم ، وهذا ممّا لا شبهة فيه ، وليس كلّ شيء يجب ان يجتنبه الأنبياء عليهمالسلام مقصورا على أفعالهم. ألا ترى أنّ الله تعالى قد جنّبهم الفظاظة والغلظة والعجلة ، وكلّ ذلك ليس من فعلهم؟ وأوجبنا أيضا أن يجتنبوا الأمراض المنفّرة والخلق المشينة كالجذام والبرص وتفاوت الصور واضطرابها ، وكلّ ذلك ليس من مقدورهم ولا فعلهم؟ وكيف يذهب على عاقل أنّ عشق الرجل زوجة غيره منفّر عنه معدود في جملة معائبه ومثالبه؟ ونحن نعلم أنّه لو عرف بهذه الحال بعض الأمناء والشهود لكان ذلك قادحا في عدالته وخافضا في منزلته ، وما يؤثّر في منزلة أحدنا أولى من أن