ولا قول هناك يخبر عنه ، وإنّما أراد أنّ البطن لحق بالظهر.
وممّا استشهد به على أنّ العرب تذكر القول ولا تريد به النطق المعقول ـ وإن كان غير مشتبه كما تأوّلنا عليه الآية في معناه ـ قول الشاعر :
امتلأ الحوض وقال قطني |
|
[مهلا رويدا قد ملأت بطني] |
وقال الآخر :
وقالت العينان سمعا وطاعة |
|
وحدّرتا كالدرّ لما ... |
وليس لأحد أن يقول : هذا كلّه تجوّز من القوم وتوسّع ، والآية على ظاهرها ؛ لأنّ القول وإن كان في لغتهم عبارة عن الكلام المعقول ، فإنّهم إذا استعملوه في مثل هذا الموضع كان حقيقة في المعنى الذي ذكرناه ، ولم يكن مجازا بل خلفا من الكلام لو أريد به القول الذي هو الكلام ، ألا ترى أنّ الأسبق إلى فهم من خاطبوه بما حكيناه عن قولهم : «فلان يقول للشيء : كن فيكون» و «قلت فدخلت» وما أشبه ذلك ، ما ذكرناه من المعنى دون غيره ، والأسبق إلى الفهم هو الحقيقة وقد بيّن من سبق إلى الكلام على هذه الشبهة ، أنّ الآية دالّة على حدوث الكلام من وجوه :
منها : إنّه تعالى علّق القول بالإرادة ، وأدخل على كونه مريدا لفظة «إذ» وهي للاستقبال لا محالة ، وإذا كانت الإرادة مستقبلة ، فما علّقه بها يجب أن يكون مستقبلا ، وكلّ مستقبل محدث غير قديم.
ومنها : إنّه تعالى أدخل على القول لفظة «أن» الدالّة على الاستقبال ، وهذا يقتضي حدوث القول.
ومنها : إنّ لفظة «يقول» من غير دخول «أن» عليها ، يقتضي على موجب اللسان الاستقبال أو الحال ، وكلا الأمرين يوجب حدوث القول ؛ لأنّ القديم سابق لكلّ حال.
ومنها : إنّه علّق وجود المكوّنات بوجود لفظة «كن» على وجه يقتضي نفي التراخي وثبوت التعقيب ، فقال : (أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) والفاء عندهم