ومنها : الانقطاع إلى الله تعالى والخضوع له ، كما ينقطع إليه من لا يستحقّ العقاب بالتوبة والاستغفار ، ويخضع له بذلك ، وكالدعاء لله تعالى بأن يحكم بالحقّ وإن لم يكن مثله ، لمكان اليقين بأنّه لا يحكم إلّا بالحقّ والقطع عليه ، كما لا يحسن المسألة له بأن يطلع الشمس ويغربها لمكان العلم بذلك والقطع عليه.
ومنها : المسألة لأتباعهم وشيعتهم ، إذا اقتضت الحكمة والمسألة لهم ، وتعلّق كون ما يفعل بهم صلاحا إذا فعل لأجل المسألة والدعاء ، ومتى لم تكن المسألة والدعاء لم يكن فعله صلاحا.
وهذا وجه صحيح في الالطاف والمصالح ، وبذلك وردت الرواية عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في سعة الرزق عند الدعاء ، وطول العمر عند البرّ للوالدين ، ودفع البلاء عند الصدقة ، إلى غير ذلك ممّا تكون المصلحة فيه مشروطة بتقديم غيره عليه ، كقوله عليهالسلام : «حصّنوا أموالكم وداووا أمراضكم بالصدقة» وردّ البلاء بالدعاء والاستغفار والتوبة ثابتة ، ووجب حمل ما ظهر منهم من الدعاء على هذه الوجوه دون المسألة لهم فيما يتعلّق بأمور الدنيا والطلب لمنافعها ودفع مضارّها فيما يرجع إليها خاصة ؛ إذ لا قدر لها عندهم ولا وزن لها في نفوسهم على ما بيّناه.
فإن قال : فإذا لم يتضمّن دعاؤهم المسألة والوصف ، فما معنى الوصف له بأنّه يستجاب ولهم بأنّهم مستجابوا الدعاء؟.
قيل له : عن ذلك أجوبة :
أحدها : أنّا قد بيّنا أنّ من دعائهم ما هو مسألة وطلب لما يتعلّق بمصالح أتباعهم وتدبير شيعتهم ، وان لم تكن مسألة وطلبا فيما يرجع إليهم ، فلأجل دعائهم.
[وثانيها] : قد يتضمّن دعاؤهم المسألة والطلب لثواب الأخرة وعلوّ المنازل فيها ، فالإجابة واقعة بإعطاء ما سألوا وتوقّع ما طلبوا.