عندنا : أنه لا يجزي في الركعتين الأوّلتين إلّا بفاتحة الكتاب ، ووافق الشافعيّ على ذلك ، وزاد إيجاب قراءة الفاتحة في كل ركعة لمن أحسنها (١) ... دليلنا على صحّة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتردّد ، ما رواه عبادة بن صامت : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لا صلاة لمن لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب» (٢).
فإن قيل : هذا يقتضي وجوب قراءة الفاتحة في كلّ ركعة ، ولا يجوز غيرها.
قلنا : ليس كذلك ، لأن قوله : «لا صلاة لمن لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب» إنّما يدلّ على وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة في الجملة ، من غير تفصيل الركعات ، وأبو حنيفة يجوّز صلاة ليس في شيء منها الفاتحة ، فالخبر دليل عليه ...
فإن قيل : قوله تعالى : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) فهو مخيّر بين الفاتحة وغيرها.
قلنا : الآية مجملة ، وأخبارنا (٣) مفسّرة مبيّنة فالعمل عليها أولى.
وليس لهم أن يقولوا : هذا نسخ الآية.
وذلك أنّ البيان والتفسير ليس بنسخ ، ولو قال الله تعالى : فاقرأوا ما تيسر من القرآن وهو فاتحة الكتاب صحّ ، ولو كان يقتضي النسخ لما صحّ أن يضم إلى اللفظ في الصريح (٤).
[الثالث : قال الناصر رحمهالله :] «لو قرأ بالفارسيّة بطلت صلاته».
وهذا هو الصحيح عندنا ... دليلنا على صحّة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتكرر قوله تعالى : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».
والاحتجاج بالآية والخبر صحيح إذا سلّموا لنا أنّ من عبّر عن القرآن بالفارسية فلا يقال له قرآن.
__________________
(١) الأمّ ، ١ : ١٢٩.
(٢) صحيح مسلم ، ١ : ٢٩٥ / ٣٤.
(٣) الكافي ، ٣ : ٣١٧.
(٤) الناصريات : ٢١٨.