بطل كأنّ ثيابه في سرحة |
|
يحذى نعال السّبت ، ليس بتوأم (١) |
ويقال لكلّ أرض مرتفعة منقطعة ممّا حولها : سبتاء ، وجمعها سباتي ، فيكون المعنى على هذا الجواب : جعلنا نومكم سباتا ، أي قطعا لأعمالكم وتصرّفكم. ومن أجاب بهذا الجواب يقول : إنّما سمّي يوم السبت بذلك لأنّ بدء الخلق كان يوم الأحد ؛ وجمع يوم الجمعة ، وقطع يوم السبت ، فترجع التسمية إلى معنى القطع.
وقد اختلف الناس في ابتداء الخلق فقال أهل التوراة : إنّ الله ابتدأه في يوم الأحد ، وكان الخلق في يوم الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة ، ثمّ فرغ في يوم السبت ؛ وهذا قول أهل التوراة.
وقال آخرون : إنّ الابتداء كان في يوم الاثنين إلى السبت ، وفرغ في يوم الأحد ؛ وهذا قول أهل الإنجيل.
فأمّا قول أهل الاسلام فهو أنّ ابتداء الخلق كان يوم السبت ، واتّصل إلى يوم الخميس ، وجعلت الجمعة عيدا ؛ فعلى هذا القول الأخير يمكن أن يسمّي اليوم بالسبت ، من حيث قطع فيه بعض خلق الأرض.
فقد روى أبو هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «إنّ الله تعالى خلق التربة في يوم السبت ، وخلق فيها الجبال يوم الأحد».
ومنها : أن يكون المراد بذلك أنّا جعلنا نومكم سباتا ليس بموت ؛ لأنّ النائم قد يفقد من علومه وقصوده وأحواله أشياء كثيرة يفقدها الميّت ؛ فأراد تعالى أن يمتنّ علينا بأن جعل نومنا الذي تضاهي فيه بعض أحوالنا أحوال الميّت ليس بموت على الحقيقة ، ولا بمخرج لنا عن الحياة والإدراك ؛ فجعل التأكيد
__________________
(١) المعلقة : ١٩٩ ـ بشرح التبريزي ، وفي حواش بعض النسخ : «السرحة : شجرة طويلة ، يصفه بالطول. وأراد بقوله : «يحذى نعال السبت» أنه من الملوك ؛ لأن نعال السبت نعال الملوك. والسبت : شيء يشبه القرظ ، تدبغ به النعال ؛ ووصفه بالشدة والقوة في قوله : «ليس بتوأم» ، لأنه إذا لم يكن معه توأم كان أقوى وأتم لخلقه».