وقال آخر :
نغق الغراب ببين لبني غدوة |
|
كم كم وكم بفراق لبني ينغق |
وقال آخر :
أردت لنفسي بعض الأمور |
|
فأولي لنفسي أولي لها! (١) |
والجواب الثالث : ـ وهو أغربها ـ أننّي لا أعبد الأصنام التي تعبدونها ، ولا أنتم عابدون ما أعبد ؛ أي : أنتم غير عابدين الله الذي أنا عابده إذ أشركتم به ، واتّخذتم الأصنام وغيرها معبودة من دونه أو معه ، وإنّما يكون عابدا له من أخلص له العبادة دون غيره ، وأفرده بها ؛ وقوله : (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) ؛ أي لست أعبد عبادتكم ، وما في قوله : (ما عَبَدْتُّمْ) في موضع المصدر كما قال تعالى : (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (٦) وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٧)) (٢) أراد : وطحيه إياها وتسويته لها ، وقوله تعالى : (ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) (٣) ، يريد : بفرحكم ومرحكم ؛ قال الشاعر :
يا ربع سلّامة بالمنحنى |
|
بخيف سلع جادك الوابل |
إن تمس وحشا فبما قد ترى |
|
وأنت معمور بها آهل |
أراد فبرؤيتك معمورا آهلا ، ومعنى قوله : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ) ، أي لستم عابدين عبادتي على نحو ما ذكرناه ، فلم يتكرّر الكلام إلّا لاختلاف المعاني.
وتلخيص ذلك أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال للكفّار لا أعبد آلهتكم ، ومن تدعونه من دون الله ، ولا أنتم عابدون الهي ، فإن زعمتم أنّكم عابدون إلهي فأنتم كاذبون ،
__________________
(١) حاشية بعض النسخ : «أولى لك : كلمة تحذير ، قال الأصمعيّ : معناه قاربك ما تكره ، والولي : القرب ، وقد وليه يليه. وقال ثعلب : أصلح ما ذكر في «أولى» قول الأصمعيّ ، وقد قيل فيه غير ذلك ، وكان محمّد ابن الحنفية عليهالسلام إذا مات جار له يقول : أولى لي! كدت أكون السواد المخترم».
(٢) سورة الشمس ، الآية : ٦ ، ٧.
(٣) سورة غافر ، الآية : ٧٥.