معلها (١) كونه منه بهذه القبضة لله تعالى. وهل يجيء من كون ذلك قادحا في حكمة الله سبحانه كون العقول دالّة على بطلان ما دعى اليه وفعل الآية مع المبطل من فاعلها ، سواء كان ما ادعى إليه جائزا في العقول ، أو في حيّز المحال ؛ لأنّها ينوب في التصديق له مناب قوله : (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) (٢).
واذ لا فرق بين تصديقه فعلا وقولا ، ومن صدق كاذبا فليس بحكيم. وهل يجيء من ذلك ما يمكن بتجويزه من تقدّم القاء القبضة والخوار من دعوى السامري.
وأيّ فرق بين كون ذلك الذي ادّعاه شافعا للخوار وبين تقدّمه له في قبح تمكينه منه ، مع العلم أنّه يستند به لكون القبضة والالقاء معلومين للناس من جهته وصنعه؟
وليس يجري ذلك مجرى ما يشاهده الناس من أن يتقدّم على دعواه داع إلى الباطل أو يتأخّر عنها ؛ لأنّ ذلك لا يكون معلوما وقوعه منه وحصوله من فعله ، كما حصل القاء القبضة معلوما من جهة السامري ، وشفع إلقاءه لها الخوار الذي وقع الفتنة به. فلينعم بما عنده في ذلك.
الجواب :
إعلم أنّ العلماء قد تأوّلوا هذه الآية على وجهين ، كلّ واحد منهما يزيل المعترضة فيها :
أحدهما ـ وهو الأقوى والارجح ـ : أن يكون الصوت المسموع من العجل ليس بخوار على الحقيقة ، وإن أشبه في الظاهر ذلك. وإنّما احتال السامري بأن جعل في الذي صاغه من الحلي على هيئة العجل فرجا ومنافذ وقابل به الريح ، فسمعت تلك الأصوات المشبهة للخوار المسموعة من الحيّ
وإنّما أخذ قبضة التراب من أثر الملك وألقاها فيما كان سبك من الحلي
__________________
(١) كذا في النسخة.
(٢) سورة الصافات ، الآية : ١٠٥.