ليوهمهم أنّ القبضة هي التي أثّرت كون العجل حيّا مسموع الاصوات ، وهذا مسقط للشبهة.
والوجه الآخر : أنّ الله تعالى كان أجرى العادات في ذلك الوقت ، بأنّ من أخذ مثل تلك وألقاها في شيء فعل الله تعالى فيه الحياة بالعادة ، كما أجرى العادة في حجر المغناطيس ، بأنّه إذا قرب من الحديد فعل الله تعالى فيه الحركة إليه. وإذا وقعت النطفة في الرحم فعل الله تعالى فيها الحياة.
وعلى الجوابين معا ما فعل الله تعالى آية معجزة على يد كذّاب ومن ضلّ عن القوم عند فعل السامري ، إنّما أتى من قبل نفسه.
أمّا على الجواب الأوّل أنّه كان ينبغي أن يتنبّه على الحيلة التي نصبت حتى أوهمت أنّه حيّ وأنّ له خوار ، وإذا لم يبحث عن ذلك فهو القاصر.
وعلى الجواب الثاني قد كان يجب أن يعلم أنّ ذلك إذا كان مستندا إلى عادة جرت بمثله ، فلا حجّة فيه وليس بمعجزة. ولم يبق مع ما ذكرناه شبهة (١).
[الثاني : أقول : حكى السيّد عن القاضي كلاما يردّ فيه وجود نصّ على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام حيث قال : «إنّ الاختلاف في هذا النص في عصر الصحابة غير جائز ؛ لأنّه لو توفّر النصّ عندهم وكان معلوما لجميعهم لما جرت الأمور في الإمامة على الحدّ الذي جرت عليه ، بل كان يجب أن يكونوا مضطرّين إلى معرفة إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولو كان كذلك لما صحّ ما قد ثبت عنهم من مواقف الإمامة» (٢) انتهى ملخصا ، ثمّ نقل السيّد كلاما طويلا عن أبي جعفر ابن قبّة رحمهالله في كتابه «الانصاف» يعالج فيه مشكلة ما جرى في الإمامة مع وجود النص ، وأضاف إليه أمورا أخر ، ثمّ بدأ بنقض ما ادّعاه القاضي «من انه مع وجود النصّ يجب أن يكونوا مضطرّين إلى معرفة إمامة أمير المؤمنين» بأنه لا ملازمة بين العلم بالنصّ وعدم وقوفهم في أمر الإمامة تلك المواقف ؛ إذ يمكن أن يدفعوا الضرورة في النص ويعملوا بخلافه لا على جهة
__________________
(١) الرسائل ، ١ : ٤٢٠.
(٢) المغني ، ٢٠ : ١١٩.