الإنسان العاقل لا يتحدث بمثل هذا!
والآية الثانية تصور الأسلوب الخشن ، المعاندَ والأكثر غروراً للمشركين في قوله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ* أَفْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً) (لانّه يدعّي أنّ هذا الخبر من الله) (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) (فكلامه كلام المجانين) (والعياذُ بالله).
هكذا كان يتصور هؤلاء بأنّ أخبار النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله عن المعاد الجسماني ناتج عن أحد أمرين فكانوا يقولون : إمّا أن يكون هذا الرجُل عاقلاً وفطناً لكنّه من أجل الطموحات الشخصيّة نَسَبَ هذه الامور إلى الله كذباً كي يجمع الناس حوله ، وإمّا أن لا يكون لديه غرض شخصي ولكنّه (والعياذ بالله) اصيب بالجنون! وإلّا فإنّ العاقل لا يمكن أن يقول بأنّ العظام البالية والتراب المنثور الذي ركبت ذرّاته أمواج الرياح وذهبت في كل صوب أن تجتمع يوماً وتحيى من جديد!
إنّ هؤلاء الحمقى المغرورين الذين لم يذكروا النبي إلّابعنوان «رجُل» وبصيغة نكرة قد نسوا نشأتهم الاولى بالمرّة وخيّمتْ على بصائرهم حُجب الجهل فمنعتهم من مشاهدة مصاديق المعاد في حياتهم اليومية ، وسوف نتطرق للبحث في هذا المجال بإذن الله بعد ذكر هذه الآيات.
و «مُزِّقْتُم» : من مادة «تمزيق» بمعنى الشّق والتقطيع ، وجاءتَ هنا للدلالة على تحلل الإنسان وتناثرِ عناصره واختلاطها بالتراب والماء والهواء.
وفي الآية الثالثة نجد تعبيراً جديداً في هذا المجال ، قال تعالى : (وَقَالُواءإِذَا ضَلَلْنَا فِى الْأَرْضِءَإِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ).
التعبير بالضلال في الأرض يكون تارةً للدلالة على تحول أعضاء جسم الإنسان إلى تراب بحيث تكون كالارض ، وتارةً اخرى للدلالة على تشتتها في مناطق متوارية من العالم على نحوٍ لا يمكن تمييزها أبداً.
بهذا الأسلوب كانوا يريدون أن يثبتوا بأنّ عودةً كهذه أَمرٌ محال جدّاً! بينما قد تحقق