فإن أراد هؤلاء ـ بهذه التفاسير ـ اقناع الماديين ، فإنّهم لن يقتنعوا بها ، وإن أرادوا نفى وقوع الظواهر الخارقة للقوانين الطبيعية فهذا ممّا لا يرتضيه المؤمنون ولا المخالفون أيضاً.
* * *
قصة قتيل بني اسرائيل :
الحدث الأخير الذي ورد ذكره في القرآن المجيد كمثال ملموس لإحياء الموتى في هذه الدنيا هو القصة المتعلقة بفئة من بني اسرائيل.
في هذه القصة يُقتل أحد الشخصيات البارزة منهم غيلةً ، فيقع بينهم شجار عنيف من أجل العثور على القاتل ، فكل قبيلة منهم تتهم القبيلة الاخرى بارتكاب القتل ، وخوفا من اتساع رقعة النزاع بينهم بما يهدد بخطر جسيم ، لذا فانّهم ذهبوا إلى موسى عليهالسلام راجين منه الحل ، فما كان من موسى عليهالسلام إلّاأن حل هذه المعضلة بواسطة الاستعانة بألطاف الله تعالى عن طريق معجزة آمن بها الجميع.
فقد أمرهم بذبح بقرة لكن ذبحها لم يتم بسهولة طبعاً ، فقد عاد إليه المتذرعون من بني اسرائيل كراراً للسؤال عن اوصاف تلك البقرة وأخّروا انجاز ذلك العمل بهذه الأسئلة التافهة الفارغة ، وأخيراً ذبحوا بقرة تحمل أوصاف معيّنة وضربوا القتيل بجزء منها فعاد مدّة وجيزة إلى الحياة وكشف عن قاتله.
وجاء في القرآن الكريم في القسم الأخير من هذه القصة قوله تعالى : (وَاذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا) (فتنازعتم فيها) (وَاللهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكتُمُونَ* فَقُلْنَا اضْرِبُوه بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحىِ اللهُ الْمَوْتَى وَيُرِيْكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعقِلُونَ). (البقرة / ٧٢ ـ ٧٣)
والعجيب في هذه القصة هو أنّ الضرب بقطعة من جسم «ميت» بجسد «ميت آخر» يؤدّي إلى إحيائه لإحقاق الحقيقة! ، فما هي العلاقة بين هذين الأمرين؟ وما هو المؤثر في ذلك؟ بديهي أنّ هذا من الأسرار الإلهيّة التي لا يعلمها أحد إلّاذاته المقدّسة ، فهو لا يوضّح أكثر من ذلك بل يقتصر على الاستدلال بهذا وهو أنّ إحياء الموتى في عالم الآخرة أمر يسير