قال المرحوم العلّامة الطباطبائي في تعليقهِ على هذه الآية : «ليس من البعيد أن يكون هذا الكلام كناية عن انكشاف غمة الجهل وبروز عالم السماء وهو من الغيب وبروز سكانها وهم الملائكة ونزولهم إلى العالم الأرضي موطن الإنسان» (١).
ولكن بما أنّ الحمل على الكناية يحتاج إلى قرينة ولا قرينة عليه في الآية فإنّ التفسير الأول يظهر على أنّه أكثر مناسبةً ، وهكذا في الآية الثانية أيضاً فإنّ انشقاق الأرض يحمل المعنى الظاهري لا الكنائي والمعنوي.
والشاهد الآخر وجود الآيات الكثيرة في القرآن المجيد والتي تدل على حدوث تغيّرات وانقلابات شديدة في جميع شؤون عالم المادّة لا في السماء والأرض والجبال والبحار فقط.
* * *
٣٠ ـ يوم تكون السماء كالمُهل
هذا وصف آخر ليوم القيامة والتغيّرات الحادة التي تطرأ على العالم ، وقد ورد هذا التعبير مرّة واحدة في القرآن حيث قال تعالى : (يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ). (المعارج / ٨)
و «مُهْل» : على وزن (قُفْل) فسروها تارة بمعنى المعادن المنصهرة ، وتارةً بمعنى الثُقل أو الرسوبات التي تترسب في قعر إناء الزيت وأمثاله ، وتارةً اخرى بمعنى الفضة المذابة وتارة بمعنى رسوبات الزيت (٢) ، هذا ولكن المعنى الأول أرجح عند إمعان النظر في آيات اخرى تحدثت عن وقائع يوم القيامة.
والمراد بالسماء هنا هو إمّا الأجرام السماوية أو واجهة السماء التي تصبح على هيئة معدن منصهر بفعل انفجار الأجرام.
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج ١٥ ، ص ٢٠٢.
(٢) تفاسير مجمع البيان ؛ الكبير ؛ الميزان وتفاسير اخرى في التعليق على الآية.