أقول : الروايات متواترة بين الفريقين في فضل الذكر والتحابب في الله والتباغض فيه بل في بعضها : «ليس الإيمان إلّا الحبّ في الله والبغض في الله».
والمراد من قوله تعالى : «ذكرتهم فدفعت عنهم» التوجه الخاص الذي يكون بالنسبة الى الأولياء ولأجلهم خلق هذا العالم ويدار هذا النظام ، أي : «العلة الغائية» كما عبروا عنها في الفلسفة الإلهية.
في عدة الداعي قال : روي «أن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) خرج على أصحابه فقال : ارتعوا في رياض الجنّة ، فقالوا : يا رسول الله وما رياض الجنّة؟ قال : مجالس الذكر اغدوا وروحوا واذكروا ، ومن كان يحب ان يعلم منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله عنده ، فإن الله تعالى ينزل العبد حيث أنزل العبد الله تعالى من نفسه ، واعلموا : أن خير أعمالكم عند مليككم وأزكاها وأرفعها في درجاتكم ، وخير ما طلعت عليه الشمس ذكر الله تعالى ، فإنه تعالى أخبر عن نفسه ، فقال : أنا جليس من ذكرني ، وقال تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) بنعمتي ، اذكروني بالطاعة والعبادة أذكركم بالنعم والإحسان والراحة والرضوان».
أقول : المراد من قوله (صلىاللهعليهوآله) «ارتعوا في رياض الجنّة» الترغيب في المسارعة إلى مجالس ذكر الله تعالى إن كانت المجالس وكان الذكر مستجمعا لجميع الشرائط التي ذكرها الفقهاء.
والمراد من المنزلة توجه قلب المؤمن وإخلاصه من كل جهة الى الله تعالى ، ولازم ذلك ارتفاع منزلته عند الله تعالى فتكون القضية حينئذ من الملازمات العقلية ، لأن الانقطاع من جميع الجهات اليه تبارك وتعالى بحيث لا يشوبه شيء آخر يوجب ان تكون عناياته متوجهة اليه ، بل نفس هذا الانقطاع اليه هكذا عناية خاصة منه تبارك وتعالى.
والمراد من قوله : أنا جليس من ذكرني نهاية القرب اليه جلت عظمته والدنو المعنوي منه ، كما يقرب إلينا جليسنا ويدنو منا لا أن يكون المراد