سفيها وإن لم يكن سفيها بالمعنى المصطلح في الفقه ، وقد أطلق لفظ السفه في كثير من الأخبار على كل من أحب الدنيا من حيث هي ، وهو كذلك لأن حب الدنيا بأية مرتبة من المحبة وأية مرتبة من الدنيا رأس كل خطيئة ، كما عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله).
ثم إنّ ما ذكره (عليهالسلام) قضية طبيعية يعرفها كل أحد بعد ما يرجع إلى فطرته الأولية ، فمن ستر عنه الواقع وتلبس بالظلم أو السفاهة لا يصير سببا لإراءة طريق الحق للغير فضلا عن أن يكون موجبا للوصول إليه.
والإمامة التي هي الغاية للنبوة والرسالة لا يعقل أن يهملها الله تعالى في الخلق وإن إهمالها نقصان في حكمته جل شأنه ، فكما يجب عليه لطفا بعث الأنبياء والرسل ، يجب عليه كذلك جعل الإمامة أيضا وإلّا لاختلت حكمة بعث الأنبياء والرسل. وسيأتي التفصيل في محله إن شاء الله تعالى.
العياشي عن صفوان الجمال في قوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) قال (عليهالسلام) : «أتمهنّ بمحمد (صلىاللهعليهوآله) وعلي (عليهالسلام) والأئمة من ولد علي (عليهمالسلام)».
أقول : صفوان بن يحيى من أجلاء أصحاب الكاظم (عليهالسلام) وهو ثقة عين فكل ما يروي فهو عن الإمام (عليهالسلام).
والرواية تدل على أن الإمامة تتم في ذرية إبراهيم (عليهالسلام) إلى الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف). كما يأتي في الحديث اللاحق.
القمي في قوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) قال (عليهالسلام) : «هو ما ابتلاه به مما رآه في نومه من ذبح ولده فأتمها إبراهيم (عليهالسلام) وعزم عليها وسلم ، فلما عزم قال تبارك وتعالى ثوابا لما صدق وسلّم وعمل بما أمره الله : إني جاعلك للنّاس إماما فقال إبراهيم : ومن ذريتي. قال جلّ جلاله : لا ينال عهدي الظالمين أي لا يكون بعهدي إمام ظالم ، ثم أنزل عليه الحنفية وهي الطهارة وهي عشرة أشياء خمسة في الرأس وخمسة في البدن ـ الحديث».