لا تنحصر بالمحسوسات والإنسان ، والدنيا ، بل تشمل غيرها ، قال تعالى : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) [سورة التوبة ، الآية : ١٠٥] ، وقال تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [سورة الزمر ، الآية : ٦٠] ، وقال تعالى : (إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) [سورة الأعراف ، الآية : ٢٧] فهو أعم لفظ يستعمل في الإدراكات.
والمراد به هنا هو الإدراك بعين اليقين وحق اليقين كما هو الشأن في جميع مدركات الآخرة ، وأما في الدنيا فإنّ ذلك يختص بالأنبياء والأولياء.
والمعنى : ولو يرى الظالمون الذين ظلموا عظيما باتخاذهم الأنداد والتعدي عن حدود الله تعالى ويرون بالعيان العذاب ويشاهدونه ويدركون أهواله لعلموا حق اليقين بأنه يصيبهم بما اقترفوه من الآثام وما جنوه من السيئات.
قوله تعالى : (أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ). جملة (أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ ...) مفعول ل «يرى» ، والجملة الثانية عطف على المفعول. أي : حينما يدركون بعين اليقين انحصار القوة والقدرة فيه تعالى وحده وان غيره لا حول ولا قوة له ، وان العقاب والثواب بيده عزوجل وانه شديد العذاب مع الظالمين.
وجواب «لو» مقدر حذف لدلالة سياق الكلام عليه ، ولتعظيم الأمر وتهويله ، أي : لندموا ندامة شديدة وأذعنوا بظلمهم وضلالهم ورجعوا إلى الحق واعتقدوا بالوحدانية ، وانه ليس من دونه وليّ ولا نصير. وبالجملة انه يدخل عليهم ما لا يمكن دخوله تحت وصف من الحسرة والندامة.
وفي الآية تسفيه عظيم لهم بأنهم لا يهتدون بعقولهم ، وتوبيخ شديد.
قوله تعالى : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ). جملة «إذ تبرأ» بدل من (إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ) أو عطف بيان ، والعامل فيهما «ولو يرى».