عاشقة لجماله ، ويكفي في ذلك أنها سائرة إلى الكمال المطلق ولا كمال كذلك إلّا فيه تعالى ومنه عزوجل فهو محبوب من كل جهة.
فالقول باختصاص الحب في غيره عزوجل نظرا لتنزهه عن معناه (باطل) ولا يخفى فساده ، لا سيما بعد ما ورد في القرآن الكريم من إثبات حبه عزوجل لبعض الأفراد قال تعالى : (فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [سورة آل عمران ، الآية : ٧٦] ، وقال تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٥٩] ، وقال جلّ شأنه : (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٤٨].
والحب من المعاني القلبية المنبثة على جميع جوارح الإنسان وحواسه كما هو واضح ويتعلق بالأشخاص أو الأشياء العزيزة ، أو الجذابة ، أو النافعة ويكون باعثا إلى التقرب إلى المحبوب بكل وسيلة يحبها المحبوب كما في حب الله تعالى الداعي إلى إتيان ما يريده عزوجل وترك ما لا يرضيه أو محركا إلى الإتيان بالعمل المحبوب ، كما في الأعمال الصالحة والحرف والصنايع ونحو ذلك ، أو يكون داعيا إلى قضاء الحاجة من المحبوب كما في حب الأكل ، وحب المال ، وحب النساء وغير ذلك ؛ أو يكون مصاحبا إلى البذل والعطاء من دون انتظار مقابل كما في حب الأم للأطفال.
والحب المجرد الذي لا يكون مقرونا بأي شيء لا أثر له بل هو من مجرد اللفظ فقط وهو تارة : يتركز حول النفس ؛ ويسمى بحب الذات الذي لا يخلو عنه أي حيوان وهو المعبر عنه في الإنسان بالأثرة وأخرى : يتعلق بالغير فهو إما أن يكون مصحوبا بالغيرة وهو المسمى بالحب العذري او لا يكون كذلك.
وثالثة : يتعلق بالله تعالى ويسمى بالحب الإلهي الذي هو وليد كمال معرفة الله تعالى والناشئ عن الجمال المطلق ولا يحصل إلّا بالتخلية عن الرذائل والتطهير عن كل ما يشغل القلب عن الله تعالى ، والتخلية بالفضائل. وهذا القسم هو أفضل أقسام الحب ولا يشعر به إلّا العارفون بالله ؛ وهو ذو مراتب متفاوتة ، والجامع بينها أن يكون الحب لله وفي الله وكل ما كان الحب أشد كانت