الإيمان يكون الفرد كاملا ويرتفع من حضيض البهيمية إلى أوج الإنسانية.
قوله تعالى : (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ). أي يوم القيامة والاعتقاد به يعني : الاعتقاد بعالم آخر يحيا فيه الناس للحساب والجزاء والايمان به يوجب سعي المؤمن لتحصيل ما ينجي به نفسه ويصرفها عن الحياة الفانية ولا يجعل أكبر همه الدنيا وحق الإيمان باليوم الآخر إنما هو في ما إذا ظهر أثره على الجوارح والجوانح.
وإنّما أخر سبحانه الإيمان باليوم الاخر عن الإيمان بالله لأنه لا يتحقق حقيقة الإيمان بالله إلّا بالإيمان باليوم الآخر لتلازم المبدأ والمعاد ورجوع كل منهما إلى الآخر.
قوله تعالى : (وَالْمَلائِكَةِ). تقدم في قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ) [سورة البقرة ، الآية : ٣٠] اشتقاق الكلمة ؛ والإيمان بهم لأنهم رسل الله تعالى إلى الأنبياء ، والإيمان بوجودهم إيمان بالوحي وسائر ما أنزل على الأنبياء والمرسلين ، والإيمان بهم إيمان بالغيب ، لأن الملائكة من عالم الغيب وإنكارهم إنكار الوحي والنبوة وبالأخرة إنكار لليوم الآخر ، وقد تقدم في قوله تعالى : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) [سورة البقرة ، الآية : ٩٧] بعض ما يتعلق بالمقام ، ومن ذلك يعرف وجه تقديم الملائكة على الكتب.
قوله تعالى : (وَالْكِتابِ). المراد بالكتاب جنس كتب الله تعالى ، لعدم الاختلاف فيها أبدا بالنسبة إلى المعارف الإلهية والمبدأ والمعاد ، ولو كان اختلاف فهو في بعض الأحكام وهذا طبيعي بالنسبة إلى السير التكاملي الحاصل للإنسان ، أو القرآن الكريم فإنّ الإيمان به إيمان بجميع الكتب السماوية لذكرها فيه ، ولأنه أعظمها وأتمها وأجمعها ، وكتاب الله في الحقيقة هو قانون إلهي أنزل لتربية الإنسان وتكميله بجميع الكمالات الدنيوية والأخروية المشتمل على القواعد المتقنة والأحكام والعلوم التي ينتفع بها الإنسان في جميع نشأته.
ويصح أن يراد بالكتاب في المقام الكتب الأربعة التي أثبتها أهل