الإيتاء : يأتي بمعنى الإعطاء ، والمال من (م ى ل) بمعنى التوجه والعطف ، وسمي المال مالا لأنه يميل من صاحبه إلى غيره ولا يبقى عنده أبدا. أو لميل الطباع اليه ، ويسمى عرضا أيضا. وقد ذكرت هذه المادة في القرآن الكريم بهيئات مختلفة وسياق الجميع ليس سياق المدح قال تعالى : (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى) [سورة سبأ ، الآية : ٣٧].
والضمير في «حبه» يرجع إلى الله تعالى المدلول عليه سياق الآية الشريفة. أي : على حب الله خالصا لوجهه الكريم. ويصح أن يرجع إلى نفس المال يعني : انه على حبه للمال ينفقه.
وعلى الأول تستفاد الإضافة إلى الله عزوجل بالمطابقة ، وعلى الثاني بالالتزام لأن إنفاق المحبوب لا بد أن يكون لغرض أعلى وأجل وهو الله تعالى ، كما في قوله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) [سورة الدهر ، الآية : ٨].
والمعنى : أنّ البر هو إعطاء المال مع حبه له وبذله على الأصناف الآتية طلبا لمرضاة الله وخالصا لوجهه الكريم.
قوله تعالى : (ذَوِي الْقُرْبى). أي : قرابة المعطي كما هو ظاهر اللفظ ، وحسن الإنفاق عليهم مما تحكم به فطرة كل ذي شعور لما يمت إليهم بصلة القرابة والنسب ويشدهم الرحم فيألم لهم أشد مما يألم لغيرهم إذا نزل فيهم حاجة أو فاقة ولذا قال نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «لا صدقة وذو رحم كاشح» لأنّ الصدقة على غير ذوي القربى وهم معدمون محتاجون بعيدة عن الفطرة ويحكم بمرجوحيتها العقل والعقلاء.
ويحتمل أن يراد به قرابة النبي (صلىاللهعليهوآله) ويكون الإنفاق عليهم أبعد من الدواعي النفسانية وأقرب إلى مرضاة الله تعالى ، فيكون المراد بالمال المال الذي جعله الله تعالى لهم في سورة الأنفال.
قوله تعالى : (وَالْيَتامى). اليتيم في الإنسان كل صبي انقطع عن أبيه ، وفي الحيوان ما انقطع عن أمه ، كما تستعمل المادة في كل شيء