وحفظ العهود ـ ومنها العقود ـ حفظ كيان المجتمع وحفظ الوحدة بين الأفراد وبه تتم الثقة بينهم.
قوله تعالى : (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ). البأساء أنحاء الفقر والشدة. والضراء أنحاء العلل والأمراض وموت الأحبة. والبأس الحرب ومنه قول علي (عليهالسلام) : «كنا إذا احمرّ البأس اتقينا برسول الله (صلىاللهعليهوآله) فلم يكن أحد منا أقرب الى العدو منه» و (حين) أي : حين القتال ومقاتلة العدو. والجامع بين البؤس والبأس والبأساء هو شدة الكروب بالمراتب المختلفة.
والصبر محمود في جميع الأمور وفي جميع الأحوال ، وإنما خص هذه المواطن لما فيها من الفضيلة الكبرى ، فان بالصبر في شدة الفقر وتسليم الأمر اليه تعالى يهون على الصابر شدة وطأته ويسلمه عن المخاطر ، وكذا في الصبر في الضراء ، فان بالصبر عليها يحصل الشكر والثبات والسلامة في المآل ، كما أن الصبر في الحرب ومقارعة العدو نصرة الحق والسلامة من الضلال والارتداد. وبالصبر في هذه المواطن يوجب توطين النفس في غيرها فقد أمكن الصبر من نفسه فيكون على غيرها أصبر.
قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا). أي : إنّ الذين جمعت فيهم هذه الخصال هم الذين اتصفوا بالصدق في دعواهم الإيمان فاتصفوا بصدق النية والأقوال والأعمال.
قوله تعالى : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ). الذين اتقوا بأنفسهم عن حضيض الحيوانية ومتابعة الشيطان وأوصلوها إلى أوج مقام الإنسانية ومتابعة الرحمن فاتخذوا لأنفسهم وقاية عن سخطه وخذلانه في الدنيا والآخرة.
وترتب الحكمين على جميع ما سبق من ترتب المعلول على العلة التامة المنحصرة.