الدين.
قوله تعالى : (وَأَقامَ الصَّلاةَ). إقامة الصّلاة هي أداؤها كاملة بحدودها والمواظبة عليها والالتزام بإتيانها في أوقاتها. وهي من أعظم مظاهر العبودية وأقوى الروابط الروحانية بين المخلوق وخالقه إذا أقيمت بشرائطها ، وهي أول دعوة الأنبياء وآخر وصية الأوصياء ولها الآثار العظيمة في تزكية النفوس وتطهيرها من الرذائل والفحشاء ، وبسببها يكون الشخص خاضعا خاشعا ، وبها يصل الإنسان إلى جنة اللقاء ولذا اعتبرها الله تعالى من البر الذي يوجب الوصول إلى الكمال. وقد تقدم في قوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٥٣] بعض ما ينفع المقام.
قوله تعالى : (وَآتَى الزَّكاةَ). أي أعطى الزكاة المفروضة على وجهها المطلوب شرعا. والزكاة من أقوى الروابط بين أفراد المجتمع وهي ركن من أركان الإسلام وبها يستكمل المؤمن ايمانه ، وهي قرينة الصلاة في القرآن الكريم في عدة مواضع قال تعالى : (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ) [سورة التوبة ، الآية : ٥] وقال تعالى حكاية عن عيسى : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) [سورة مريم ، الآية : ٣١] وقال تعالى : (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) [سورة مريم ، الآية : ٥٥] وقال تعالى : (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) [سورة التوبة ، الآية : ٧١].
فان في الصلاة تهذيب الروح وفي الزكاة توثيق الصلات والروابط والإنسان الكامل هو الجامع بينهما ، ولو عمل المسلمون بهاتين الخصلتين لنالوا ذرى المجد وفاقوا الجميع.
قوله تعالى : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا). هذا هو القسم الثالث من الخصال التي هي البر في الأخلاق وتهذيب المجتمع وهي الوفاء بالعهد ، والصبر في الأمور. والوفاء بالعهد مما يجب بفطرة العقول ، وهو يشمل العهود الواقعة بين النّاس بعضهم مع بعض ، والعهود الإلهية مع الخلق التي هي عبارة عن التكاليف الشرعية والمستقلات العقلية كقبح الظلم وحسن العدل.