الفضائل عن غيره من المسالك.
الثاني : أنّ في هذا المسلك يكون الفعل صادرا عن العبودية المحضة والحب العبودي ، فيكون الغرض هو وجه الله تعالى فقط ، فهو مبني على التوحيد الخالص بخلاف غيره.
وهنالك مسالك أخرى في تهذيب الأخلاق :
أحدها : هو تهذيب النفس بالآراء المحمودة والعقائد العامة الاجتماعية في الحسن والقبح والغايات الصالحة الدنيوية ، وهذا هو المعروف في علم الأخلاق ، فهذا المسلك يدعو إلى الخلق الاجتماعي ، والغاية هي حياة سعيدة دنيوية يحمدها كل الناس ؛ ولم يرد في القرآن الكريم ما يدل على حسن هذا المسلك. نعم في بعض الموارد إشارة إلى بعض الأمور الاجتماعية ، قال تعالى : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) [سورة البقرة ، الآية : ١٥٠] ، حيث علل الحكم بأن لا يكون للناس عليكم حجة ، وقال تعالى : (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [سورة الأنفال ، الآية : ٤٦] ، حيث علل ترك الصبر أو الاتحاد بالفشل وذهاب الريح. ولكن ذلك كله يرجع إلى الثواب والعقاب الاخرويين.
ثانيها : تهذيب النفس بما جاء به الأنبياء (عليهمالسلام) والكتب السماوية من العقائد والتكاليف الدينية والآراء المحمودة بالغايات الأخروية ، وقد ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة تدل على ذلك قال تعالى : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٥٧] ، وقال تعالى : (اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ) [سورة لقمان ، الآية : ٢١] ، وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) [سورة الكهف ، الآية : ٣٠] ، وقال تعالى : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) [سورة الزمر ، الآية : ١٠]. وغير ذلك من الآيات الشريفة التي ذكر فيها الأجر الأخروي بألسنة مختلفة.