وإن استعمل في غيره تعالى أحيانا ؛ قال سبحانه : (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة التغابن ، الآية : ١٤] ؛ بخلاف الأول فانه يستعمل في غيره عزوجل كثيرا ، قال تعالى : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) [سورة البقرة ، الآية : ٢٣٧] ، وقال تعالى : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٣٧]. ويقال : عفت الدار إذا انمحت آثارها.
ويمكن الفرق بينهما باعتبار المورد أيضا ، فان العفو يصح استعماله بالنسبة إلى مطلق سوء الأخلاق وإن لم يكن من الذنب الشرعي كما يصح استعماله بالنسبة إليه أيضا بخلاف الغفران.
والتعبير بالأخ ترغيب إلى العفو والمراد به ولي الدم.
و «شيء» صفة للمفعول المطلق النائب عن الفاعل أي بعض العفو وشيء منه ، وهو حق الاقتصاص أولا ويشمل البدل والمبدل أيضا.
والمعنى : ومن عفا لأخيه عن جنايته ولم يرد القصاص ورضي بالدية فهو خير له.
قوله تعالى : (فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ). المعروف : ضد المنكر ، ومعناه كلفظه ؛ والمراد به كل ما حسن عند العقلاء ولم ينه عنه الشرع سواء كان واجبا أو مندوبا أو مباحا. وهو يختلف باختلاف الأعصار والأمصار. وقد وقع هذا اللفظ في القرآن الكريم والسنة الشريفة كثيرا ، قال تعالى : (الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٨٠] ؛ وقال تعالى : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٢٨] ، وقال تعالى : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً) [سورة البقرة ، الآية : ٢٦٣] إلى غير ذلك مما يقرب من أربعين موردا. وعن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «كل معروف صدقة».
والمعنى : إن رغب في العفو عن القصاص لا بد له من إتباعه بالمعروف على الجاني بأن لا يرهقه في الدية ، أو ينظره إلى الميسرة إن كان ذا عسرة ، أو الطلب منه بالرفق ، أو يعفو عن بعض ونحو ذلك مما لا يستنكره