الموصى به يكون معتنى به في الجملة ، كما ذكرنا في التفسير.
وفي تفسير العياشي عن أبي بصير عن أحدهما (عليهماالسلام) في قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ). قال (عليهالسلام) : «هي منسوخة نسختها آية الفرائض التي هو المواريث».
أقول : يمكن أن يحمل النسخ في المقام على غير معناه الاصطلاحي كما يمكن أن يحمل على نسخ بعض مراتب الإلزام ، دون أصل الرجحان أو الوجوب في مورد وجوب الوصية كما في الوصية بالديون.
وفي تفسير القمي في قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) : إنما هي منسوخة بقوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ).
أقول : تقدم وجه ذلك.
في تفسير القمي أيضا عن الصادق (عليهالسلام) : «إذا أوصى بوصية فلا يحل للوصي أن يغير وصيته ، بل يمضيها على ما أوصى ، إلّا أن يوصى بغير ما أمر الله فيعصي في الوصية ويظلم ، فالموصى اليه جائز له أن يرده إلى الحق. مثل رجل يكون له ورثة فيجعل المال كله لبعض ورثته ويحرم بعضا فالوصي جائز له أن يرده إلى الحق ، وهو قوله تعالى : (جَنَفاً أَوْ إِثْماً). فالجنف الميل إلى بعض ورثته دون بعض ، والإثم أن يأمر بعمارة بيوت النيران ، واتخاذ المسكر ، فيحلّ للوصي أن لا يعمل بشيء من ذلك».
أقول : ما ذكر في بيان الجنف والإثم من باب ذكر بعض المصاديق ، كما هو معلوم. ويستفاد من لفظ «فأصلح» الوارد في الآية الشريفة أنّ كل ما يكون خلاف الصلاح الشرعي يجري عليه حكم الجنف.
في الكافي عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليهالسلام) : «في رجل أوصى بماله في سبيل الله ، فقال (عليهالسلام) : أعطه لمن أوصى به له وإن كان يهوديا أو نصرانيا إنّ الله تعالى يقول : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)».