الملك العظيم له ولبعض ذريته.
قوله تعالى : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ). الصالح من حكم له بالصلاح ولا يكون كذلك إلّا إذا كان جامعا للكمالات المعنوية وحقيقة العبودية التي هي جامعة للكمالات الإنسانية فمن كان كذلك في الدنيا يلزم أن يكون في الآخرة من الصالحين ، فالحكمان من المتلازمين.
وإنما خص تعالى الصلاح بالآخرة مع أنه معدود في الدنيا من الصالحين لأنه يظهر فيها صلاح الصالحين فيرى النّاس بأعينهم ما كانوا يسمعونه ، في الدنيا ، أو لأن صلاح الآخرة ملازم لصلاح الدنيا تلازم المعلول للعلة ، أو لأن صلاح أنبياء الله تعالى لا سيما هذا النبي العظيم الذي تعرفه جميع الملل والأديان في الدنيا معلوم لكل أحد ، وقد أراد سبحانه أن يبين صلاحه في الآخرة أيضا. وهذه الآية المباركة دليل قطعي على أن إنكار من يرغب عن ملة إبراهيم ليس إلّا ممن جنى على نفسه بالهلاك فإن ملة تكون لصاحبها هذه المنزلة عند الله تعالى لا تكون إلّا خيرا محضا في الدنيا والآخرة فلا يرغب عنها احد إلّا من كان سفيها.
وفي الآية الشريفة وعد لإبراهيم (عليهالسلام) بصلاح حاله في الآخرة وبشارة له بذلك.
ثم إنّ للصلاح والعمل الصالح شأن كبير في القرآن والسنة بل وحكم العقل والمجتمع الإنساني. ولم يرد في الكتاب الكريم في تعريفهما شيء ، ولعل وضوحهما عند النّاس أغنى عن التعريف فإن مادة (ص ل ح) محبوب كل ذي شعور خصوصا إذا كان في مورد الصلاح الأبدي. والمذكور إنما هو الآثار المترتبة على العمل الصالح ، مثل إنه تعالى يرفعه ، قال جلّ شأنه : (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [سورة فاطر ، الآية : ١٠] وإنه يتولى الصالحين ، قال تعالى : (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٩٦]. وإنه يرزق من عمل صالحا بغير حساب ، قال تعالى : (وَمَنْ عَمِلَ