العلم من المذكورات غير واضحة على الإطلاق. ولو أراد بالعلم ما يشمل الظنّ فالخبر الأوّل قد دل على أنّ مجرد إطباق السماء يقتضي الصلاة إلى الأربع جهات مع إمكان تحصيل الظنّ وعدمه.
وأمّا ثانيا : فقوله : إنّ الاتفاق واقع على الاجتهاد مع عدم العلم. فيه : أنّ العلاّمة في المختلف نقل عن ابن أبي عقيل أنّه قال : لو خفيت عليه القبلة لغيم أو ريح أو ظلمة فلم يقدر على القبلة صلّى حيث شاء. قال العلاّمة : وهو الظاهر من اختيار ابن بابويه.
ونقل عن الشيخين أنّهما قالا : متى أطبقت السماء بالغيم ولم يتمكن الإنسان من استعلام القبلة أو كان محبوسا في بيت لا يجد دليلا على القبلة فليصلّ إلى أربع جهات مع الاختيار ، ومع الضرورة إلى أيّ جهة شاء ، قال العلاّمة : وهو الظاهر من كلام ابن الجنيد وأبي الصلاح وسلاّر (١).
ثمّ نقل عن ابن أبي عقيل الاحتجاج : بأنّه لو كان مكلفا بالاستقبال حال عدم العلم كان تكليف ما لا يطاق ، وبالروايتين المذكورتين هنا وهي أولى ( المنافيات وثانيها ) (٢) (٣). وغير خفي أنّ كلام ابن أبي عقيل وحجته لا يعطيان وجوب الاجتهاد مع فقد العلم إلاّ بتكلف.
وأمّا ثالثا : فما ذكره : من أنّ الصلاة إلى الأربع جهات مع فقد العلم والظن. فيه : أن المنقول في المختلف لا يوافقه على الإطلاق ، والعجب أنّه قدسسره اختار مذهب ابن أبي عقيل في فوائد الكتاب بعد أن ذكر روايتي الصدوق السابقتين ، وحكى عن المختلف أنّه نفى عنه البعد. والذي في
__________________
(١) المختلف ٢ : ٨٤.
(٢) بدل ما بين القوسين في « فض » : المنافيين وثانيهما.
(٣) المختلف ٢ : ٨٥.