والحال أنّ الخبر كما يحتمل الانحراف اليسير يحتمل الانحراف إلى نفس اليمين واليسار.
والجواب وإن دل ظاهرا على أنّ نفس اليمين واليسار ليس قبلة ، إلاّ أنّه محتمل أيضا احتمالا لا يبعد عن الأوّل ، وهو أن يكون قوله : « وما بين المغرب والمشرق قبلة » بيان حكم مستقل لا دخل له بالجواب ، وحينئذ فمفاد الجواب مضيّ الصلاة ثم إعلام السائل بأنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة ، غاية الأمر أنّه مخصوص بالمضطر ولا يبعد أن تكون فائدة الإتيان بهذه في الجواب التنبيه على أنّ الانحراف عن القبلة التي ما بين المغرب والمشرق للمضطر لا يضر وإن وصل إلى نفس اليمين واليسار.
وما قاله العلاّمة في المنتهى ـ جوابا عن الاعتراض بأنّ خبر معاوية بن عمّار ليس تخصيصه بأولى من تخصيصه بالخبرين ، على معنى أنّه يحمل على خارج الوقت ـ : من أنّه أولى لوجهين ، أحدهما : موافقة الأصل ، ولو قيّد بخارج الوقت لزم الإعادة لمن صلّى بين المشرق والمغرب في الوقت ، والأصل عدمه ، والثاني : ( إنّا نمنع تخصيص ما ذكرتم من ) (١) الأحاديث للخبر (٢) ، لأنّ قوله عليهالسلام : « ما بين المشرق والمغرب قبلة » ليس مخصّصا لما دلّ على الإعادة في الوقت دون خارجه ، إذ غاية ما يدل عليه أن ما بين المشرق والمغرب قبلة ، بل لقائل أن يقول : إنّ قوله : « إذا صلّيت وأنت على غير القبلة » يتناول لفظ القبلة ما بين المشرق والمغرب (٣).
__________________
(١) ما بين القوسين في « فض » : مع تخصيص.
(٢) في « فض » زيادة : أصلا.
(٣) المنتهى ١ : ٢٢٤.