______________________________________________________
ويقابله الاستدبار ، وأما القيام والجلوس فليس بداخل في حقيقتهما قطعا.
الرابع : الظاهر استحباب التشريق أو التغريب (١) ، للأمر بهما في رواية عيسى بن عبد الله الهاشمي المتقدمة (٢). وقال بعض المحققين : إن ذلك واجب وإنه لا يجوز استقبال ما بين المشرق والمغرب والقبلة تمسكا بظاهر الأمر ، وأيده بقوله عليهالسلام : « ما بين المشرق والمغرب قبلة » (٣) ، وأن قبلة البعيد هي الجهة وفيها اتساع فلا بد من المبالغة في الانحراف ليبعد عن الاستقبال والاستدبار (٤). وهو استدلال ضعيف.
أما أولا : فلقصور الرواية من حيث السند عن إثبات حكم مخالف للأصل.
وأما ثانيا : فلعدم الوقوف على مصرّح بالوجوب ، ومن طريقة ذلك المحقق التوقف في الفتوى على وجود القائل وإن كان الحق خلافه كما بيناه في محله.
وأما ثالثا : فلضعف ما أيده به من قوله عليهالسلام : « ما بين المشرق والمغرب قبلة » لأنه مع سلامة سنده محمول على الناسي ، أو مؤوّل بما يرجع إلى المشهور كما ستقف عليه في محله إن شاء الله تعالى.
الخامس : لو قلنا بالتحريم ولم يعلم الجهة ، قيل : وجب الاجتهاد في تحصيلها من باب المقدمة ، فإن حصل شيئا من الأمارات بنى عليه ، وإلا انتفت الكراهة أو التحريم. ويحتمل انتفاؤهما مطلقا للشك في المقتضي ، وهو قريب.
السادس : لا فرق في تحريم الاستدبار بين ما يلزم منه استقبال بيت المقدس وعدمه ، واحتمل العلامة في النهاية اختصاص الحكم بالأول (٥). وهو بعيد.
__________________
(١) في « م » ، « س » ، « ق » : والتغريب.
(٢) في ص (١٥٧).
(٣) الفقيه ( ١ : ١٨٠ ـ ٨٥٥ ) ، الوسائل ( ٣ : ٢١٧ ) أبواب القبلة ب (٢) ح (٩).
(٤) جامع المقاصد ( ١ : ٧ ).
(٥) نهاية الأحكام ( ١ : ٧٩ ).