______________________________________________________
هذا كله إذا لم تستهلك النجاسة الماء ، وإلاّ ثبت التنجيس قولا واحدا.
قال بعض المحققين : وهل يعتبر فيه أوصاف الماء وسطا ، نظرا إلى شدة اختلافها ، كالعذوبة والملوحة ، والرقة والغلظة ، والصفاء والكدرة ، فيه احتمال ، ولا يبعد اعتبارها ، لأنّ لها أثرا بيّنا في قبول التغير وعدمه (١). هذا كلامه رحمهالله.
ويتوجه عليه ما سبق ، ومن الجائز اختلاف المياه في الانفعال بالنجاسة الواحدة لاختلاف هذه الصفات ، حيث إنّ بعضها يقبل الانفعال والآخر لا يقبله.
فرع : لو خالفت النجاسة الجاري في الصفات ، لكن منع من ظهورها مانع ، كما لو وقع في الماء المتغير بطاهر أحمر ، دم مثلا ، فينبغي القطع بنجاسته ، لتحقق التغير حقيقة ، غاية الأمر ، أنه مستور عن الحس ، وقد نبه على ذلك الشهيد في البيان (٢).
الثانية : إنّ الجاري لا ينجس بدون ذلك ، وإطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق بين قليله وكثيره.
واعتبر العلامة ـ رحمهالله ـ فيه الكرية ، وحكم بنجاسة ما نقص عن الكر منه بالملاقاة كالمحقون (٣). والمعتمد الأول ، ولنا عليه وجوه من الأدلة :
الأول : أصالة الطهارة ، فإنّ الأشياء كلها على الطهارة إلاّ ما نصّ الشارع على نجاسته ، لأنها مخلوقة لمصالح العباد ، ولا يتم النفع إلاّ بطهارتها.
الثاني : الإجماع ، نقله المصنف في المعتبر (٤). وقال الشهيد في الذكرى : إنه لم يقف في ذلك على مخالف ممن سلف (٥). واستغربه جدي ـ قدسسره ـ لتصريح
__________________
(١) جامع المقاصد ( ١ : ٩ ).
(٢) البيان : (٤٤).
(٣) كما في المنتهى ( ١ : ٦ ) ، والتذكرة ( ١ : ٣ ).
(٤) المعتبر ( ١ : ٤١ ).
(٥) الذكرى : (٨).