إليه وإنفاق هذه المهلة اليسيرة عليه ، هذا وإنّ الله يقول في كتابه المكنون ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ ) (١).
وكما ان كتاب شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام من مصنفات الإمام المحقق ، والنحرير المدقق ، أفضل المتقدمين والمتأخرين ، نجم الملة والدين ـ سقى الله ضريحه مياه الرضوان ورفع قدره في فراديس الجنان ـ من أشرف الكتب الفقهية ، وأحسن المصنفات الفرعية ، لما فيه من التنبيهات الجليلة الجلية ، والتلويحات الدقيقة الخفية ، كذلك شرحه للمولى الأعظم والإمام المعظم ، قدوة العلماء الراسخين وأفضل المتأخرين ، جدي العلامة الشهيد الثاني ـ قدس الله نفسه الزكية وأفاض على تربته المراحم الربانية ـ كتاب جليل الشأن ، رفيع المكان ، لم ير مثله في كتب الأولين ، ولم تسمح بما يدانيه أفكار المتأخرين ، ولذلك تداولته الفضلاء في جميع الأمصار ، واشتهر بينهم اشتهار الشمس في رابعة النهار.
غير أنّه ـ قدسسره ـ سلك في أوائله (٢) مسلك الاختصار ، فبقيت رموز تلك المحال مستورة على حالها ، ومخفيات كنوزها لم يظفر ناظر بمحالها ، فالتمس منّي بعض إخواني في الدين أن أفصّل ما أجمله ، واستوفي ما أهمله ، فاستخرت الله تعالى ، وبادرت إلى مقتضى إرادته ، خوفا من الإخلال بمفترض إجابته.
وكان غاية مقصودي في هذا التعليق إنما هو تحرير المسائل الشرعية ، واستخراجها من أدلتها التفصيلية ، معرضا عن تطويل المقال بما يرد على العبارات من القيل والقال ، راجيا من الله تعالى حسن التوفيق ، وإصابة الحق بالتحقيق.
__________________
(١) الذاريات : (٥٦).
(٢) في « م » : أوله.