______________________________________________________
ونقل عن ابن بابويه ـ رحمهالله ـ في المقنع أنه أوجب في القطرة من الخمر عشرين دلوا (١). وربما كان مستنده رواية زرارة ، عن الصادق عليهالسلام : في بئر قطر فيها قطرة دم أو خمر ، قال : « الدم والخمر والميت ولحم الخنزير في ذلك كله واحد ينزح منها عشرون دلوا ، فإن غلبت الريح نزحت حتى تطيب » (٢) وهي قاصرة من حيث السند ، لجهالة بعض رجالها (٣) فلا يسوغ العمل بها ، وأيضا فإن ظاهرها الاكتفاء بالعشرين في الخمر وما معه مطلقا ، ولا قائل به.
وبالجملة فالفرق بين قليل الخمر وكثيره متجه ، إلاّ أنّ مقدار النزح في القليل غير معلوم ، ولا يبعد إلحاقه بغير المنصوص إن قلنا بنجاسة الخمر ، وإلاّ لم يجب في القليل شيء ، وكان الكلام في الكثير كما في اغتسال الجنب.
واعلم أنّ النصوص إنما تضمنت نزح الجميع في الخمر (٤) ، إلاّ أنّ معظم الأصحاب لم يفرقوا بينه وبين سائر المسكرات في هذا الحكم (٥) ، واحتجوا عليه بإطلاق الخمر في كثير من الأخبار على كل مسكر فيثبت له حكمه. وفيه بحث ، فإن الإطلاق أعم من الحقيقة ، والمجاز خير من الاشتراك ، ومن ثم توقف فيه المصنف ـ رحمهالله ـ في النافع حيث أسنده إلى الثلاثة (٦) ، وهو في محله.
__________________
(١) المقنع : (١١).
(٢) التهذيب ( ١ : ٢٤١ ـ ٦٩٧ ) ، الإستبصار ( ١ : ٣٥ ـ ٩٦ ) ، الوسائل ( ١ : ١٣٢ ) أبواب الماء المطلق ب (١٥) ح (٣).
(٣) المراد بهذا البعض هو : نوح بن شعيب الخراساني إذ لم يذكر في كتب الرجال.
(٤) المتقدمة في ص (٦٢).
(٥) منهم المحقق الحلي في المعتبر ( ١ : ٥٨ ) ، والشهيد الأول في الذكرى : (١٠) ، والشهيد الثاني في روض الجنان : (١٤٧).
(٦) المختصر النافع : (٢). والثلاثة هم : الشيخ المفيد والشيخ الطوسي والسيد المرتضى.