______________________________________________________
الأصحاب من نزح الكر للفرس والبقرة ، فقال بعد نقلها : قال صاحب الصحاح : الدابة اسم لكل ما يدب على الأرض ، والدابة اسم لكل ما يركب (١) ، فنقول : لا يمكن حمله على المعنى الأول وإلا لعم وهو باطل لما يأتي فيجب حمله على الثاني ، فنقول : الألف واللام في الدابة ليست للعهد ، لعدم سبق معهود يرجع إليه ، فإما أن تكون للعموم كما ذهب إليه الجبائيان ، أو لتعريف الماهية على المذهب الحق ، وعلى التقديرين يلزم العموم في كل مركوب ، أما الأول فظاهر ، وأما الثاني فلأن تعليق الحكم على الماهية يستدعي ثبوته في جميع صور وجودها وإلا لم تكن علة ، هذا خلف ، وإذا ثبت العموم دخل فيه الحمار والفرس والبغال والإبل والبقر نادرا ، غير أنّ الإبل والثور خرجا بما دلّ بمنطوقه على نزح الجميع فيكون الحكم ثابتا في الباقي.
فإن قلت : يلزم التسوية بين ما عدّده الإمامان عليهماالسلام.
قلت : خرج ما استثني بدليل منفصل فيبقى الباقي لعدم المعارض ، وأيضا المساواة حاصلة من حيث الحكم بوجوب نزح الدلاء وإن افترقت بالقلة والكثرة ، وهذا شيء لم يتعرضا له عليهماالسلام. إلا أنّ لقائل أن يقول : ما ذكرتموه لا يدل على بلوغ الكرية.
ويمكن التمحّل بأن تحمل الدلاء على ما يبلغ الكر ، جمعا بين المطلق والمقيد ، خصوصا مع الإتيان بصيغة جمع الكثرة.
لا يقال : إن حمل الجمع على الكثرة استحال إرادة القلة منه وإلا لزم الجمع بين إرادتي الحقيقة والمجاز ، وإن حمل على القلة فكذلك.
لأنا نقول : لا نسلّم استحالة الثاني ، سلمناه لكن إن حمل على إرادة معناه المجازي وهو مطلق الجمع لم يلزم ما ذكرتم ، على أنّ لنا في كون الصيغ المذكورة حقائق أو مجازات في القلة والكثرة نظر (٢). انتهى كلامه.
__________________
(١) الصحاح ( ١ : ١٢٤ ).
(٢) المنتهى ( ١ : ١٣ ).