تأسيس فيها للشارع المقدّس ، وحينئذٍ إذا شكّ الصحيحي في اعتبار قيد عند الشارع زائداً على القيود المعتبرة عند العرف والعقلاء يمكن له أن يتمسّك لدفعه بإطلاق « اوفوا بالعقود » مثلاً.
نعم ربّما يتمسّك لإثبات وجود الإطلاق في أبواب العبادات برواية حمّاد المعروفة الواردة في أبواب أفعال الصّلاة (١) حيث إنّ الإمام فيها يكون في مقام بيان تمام ما له دخل في ماهيّة الصّلاة كما لا يخفى على المتأمّل فيها.
ولكن الإنصاف أنّها لا ربط لها بالمقام أصلاً ، وتوضيحه : أنّ الإطلاق على نحوين : لفظي ومقامي ، والإطلاق اللّفظي هو ما يكون الحكم فيه معتمداً على لفظ وكان ذاك اللفظ في معرض التقييد من بعض الجهات كما في قولنا « اعتق رقبة » بالنسبة إلى احتمال تقييده بقيد الأيمان ثمّ يتمسّك بالاطلاق لنفي هذا القيد.
أمّا الإطلاق المقامي فهو ما ليس الحكم فيه معتمداً على لفظ في معرض التقييد بل الإطلاق مستفاد من كون المتكلّم في مقام بيان قيود شيء أو أجزائه وشرائطه من طريق العمل ، فإذا علم منه ذلك ولم يصرّح ببعض القيود أو الأجزاء أو الشرائط يعلم عدم اعتباره ، كما إذا علمنا أنّه بصدد بيان أجزاء الصّلاة وشرائطها ، وعدّ الحمد والركوع والسجود ولم يذكر السورة ، أو أتى بها في مقام العمل ولم يأت بالسورة فيعلم منه عدم كونه جزءً.
هذا ـ وبينهما فرق آخر وهو أنّ كون المتكلّم في مقام البيان في الإطلاق المقامي يعلم بالقرائن بينما هو في الإطلاق اللّفظي يحرز بأصل عقلائي يدلّ على أنّ كلّ متكلّم في مقام البيان إلاّ أن يثبت خلافه.
إذا عرفت هذا فنقول : إنّ محلّ النزاع في ما نحن فيه هو القسم الأوّل ( الإطلاق اللّفظي ) فإنّ البحث عن الصحيح والأعمّ بحث لغوي لفظي وأمّا الإطلاق المقامي فلا فرق فيه بين الصحيحي والأعمّي في إمكان التمسّك به لأنّ الصحيحي أيضاً يتمسّك به ( على فرض وجوده ) ، ولا إشكال في أنّ الإطلاق الموجود في حديث حمّاد إنّما هو الإطلاق المقامي لا اللّفظي.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ٤ ، من أبواب أفعال الصّلاة الباب ١ ، ح ١.