الأوّل : أن يكون المسبّب أمراً واحداً وله مفهوم واحد والمصاديق واحدة ، ولا يكون نزاع بين العرف والشرع فيه ، وأمّا ردع الشارع في بعض الموارد فإنّه من باب تخطئة العرف في المصداق لا من باب الاختلاف في المفهوم.
الثاني : أن نقول إنّ للمسبّب مفهومين وبالنتيجة له مصداقان ، فقبل الشارع أحدهما وردّ الآخر فقال مثلاً : بأنّ المعاطاة عندي ليست بيعاً.
الثالث : أن نقول أنّ للمسبّب مفهوماً واحداً وله مصاديق كثيرة ولكن ردع الشارع بعض المصاديق ليس من باب التخطئة في المصداق بل من باب الإستثناء في الحكم ، فيقول مثلاً : إنّ المعاملة الربوية وإن كانت من مصاديق البيع لكنّها حرام حكماً.
ثمّ قال : فإن قلنا بالأوّل فلا يتصوّر فيه النزاع بين الصحيحي والأعمّي لدوران أمره بين الوجود والعدم دائماً ، وأمّا إذا قلنا بالثاني فيمكن تصوير النزاع في أنّ الألفاظ وضعت لخصوص المفهوم المقبول للشارع أو وضعت للأعمّ منه ، وكذلك إن قلنا بالثالث فيمكن تصوير النزاع فيه بأنّ الألفاظ وضعت لخصوص المصداق الذي لم يستثن الشارع حكمه ، أو وضعت للأعمّ منه ومن المستثنى في الحكم (١) ( انتهى ).
أقول : يرد عليه أنّ المفروض في باب المعاملات عدم وجود الحقيقة الشرعيّة بينما الصورة الثانيّة والثالثة في كلامه تستلزمانها كما لا يخفى ، لأنّه يبحث فيهما في أنّ الألفاظ في لسان الشرع وضعت لأي مصداق؟
ثمّ إنّ هيهنا كلاماً آخر للمحاضرات ذهب فيه أيضاً بجريان النزاع حتّى بناءً على وضع الألفاظ للمسبّبات ، واستدلّ له بأنّ المسبّب في باب المعاملات اعتبار قائم بنفس المعتبر ، فإنّ البيع مثلاً ملكيّة يعتبرها البائع في نفسه وهو ممّا يتصوّر فيه الصحّة والفساد لأنّه إن أمضاه العقلاء والشرع كان صحيحاً وإلاّ ففاسد (٢).
أقول : إنّ المسبّب في المعاملات ليس الاعتبار القائم بالنفس فإنّه ليس أمراً شخصيّاً فحسب بل إنّه نفس الاعتبار العقلائي الدائر بينهم كما لا يخفى ، ويكون اعتبارها بيد العقلاء ، وأهل العرف ، فإذا صدرت صيغة عقد مثلاً من بايع واعتبر العقلاء الملكيّة في موردها تتحقّق
__________________
(١) راجع نهاية الأفكار : ج ١ ، ص ٩٧.
(٢) راجع المحاضرات : ج ١ ، ص ١٩٥.