زمان النطق ، كما إذا قلنا « زيد كان قائماً » أو « سيكون قائماً ».
إن قلت : إنّ تبادر زمان النسبة يتصوّر فيما إذا وجدت نسبة في الكلام كما توجد في « زيد ضارب » ، وأمّا في مثل « أكرم العالم » فلا ، لعدم وجود نسبة زمانيّة في الإنشائيات ، فلا يصحّ أن يقال إنّ المنصرف إليه والمتبادر مطلقاً هو زمان النطق ، وهذا يكشف عن كون المراد من الحال في العنوان هو زمان النطق لأنّ الإنشائيات أيضاً داخلة في محلّ النزاع ، ويمكن أن يجعل هذا دليلاً ثالثاً للقول بأنّ المراد من الحال حال النطق.
قلنا : إنّ النسبة المبحوث عنها في المقام هي الأعمّ من النسبة التامّة والنسبة الناقصة ، وفي مثل « أكرم العالم » توجد الناقصة بين الإكرام والعالم ، ويشهد عليه أنّ جملة « أكرم العالم » عبارة اخرى عن جملة « إكرام العالم واجب » ولا إشكال في أنّ نسبة الإكرام إلى العالم نسبة المضاف إلى المضاف إليه ، وهي نسبة ناقصة فاللازم على القول باعتبار النسبة أن يكون من يقع عليه الإكرام موصوفاً بصفة العلم في حال الإكرام.
وهيهنا كلام للمحقّق العراقي رحمهالله وإليك نصّه : « التحقيق أنّ الزمان سواء اضيف إلى النطق أم إلى النسبة الحكمية أم إلى التلبّس أم إلى الجري خارج عن مفهوم المشتقّ ، لأنّ المشتقّ كسائر الألفاظ موضوع للمعنى من حيث هو بلا تقييد بالوجود أو بالعدم فضلاً عن زمانهما ، ويدلّ عليه أيضاً ما عرفت من أنّ المشتقّ مركّب من مادّة وهيئة وأنّ المادّة تدلّ على الحدث ، والهيئة تدلّ على نسبة ذلك الحدث إلى ذات ما ، فلم يبق في البين ما يمكن أن يدلّ على الزمان ، مضافاً إلى أنّ أخذ التقيّد بحال النسبة والجري في المفهوم يستلزم أخذ ما هو متأخّر عن المفهوم برتبتين فيه ، ضرورة تأخّر رتبة الجري والنسبة عن المفهوم » ( انتهى ) (١).
أقول : كأنّه قد وقع خلط في المقام ، فإنّه لم يقل أحد بأنّ الزمان ( بأي معنى كان ) مأخوذ في مفهوم المشتقّ الذي هو مفهوم اسمي ، بل الكلام في أنّه لا ريب في وجود نسبة ناقصة في المشتقّ ، فإنّ العالم هو بمعنى « الذي ثبت له العلم » وحينئذ يأتي الكلام في أنّ هذه النسبة لا بدّ أن تقع في زمان مّا ، فهل هذا الزمان الذي هو ظرف للنسبة الناقصة يجب أن يكون مطابقاً لزمان النسبة الكلاميّة أم لا؟ ، فإذا قيل : « رأيت عالماً أمس » هل يجب أن يكون تلبّس الذات بالعلم ( أي
__________________
(١) بدائع الأفكار : ج ١ ، ص ١٦٥.