لأنّا نقول : المراد من عدم دلالة المشتقّ على الزمان عدم دلالته على الزمان الخاصّ على نحو الجزئيّة ، وأمّا مطلق الزمان إجمالاً فلا ننكر دخالته في معنى المشتقّ وتقييده به ، لأنّه لا بدّ للنسبة الموجودة فيه من ظرف وهو مطلق الزمان لا خصوص زمان الحال والنطق ، فالدخيل في المشتقّ هو كلّي الزمان سواء كان ماضياً أو حالاً أو مستقبلاً.
الوجه الثالث : لزوم المجاز في الموارد التي لا يكون فيها زمان كما في الصفات المنسوبة إلى الله تعالى وفي ما ينسب إلى نفس الزمان نحو « الله عالم » أو « الأمس ماضٍ ».
أقول : لا تمكن المساعدة على الوجه الثالث لما مرّ من كون الاستعمال في الصفات المنسوبة إلى ذات الباري من باب التجريد وفوق المجاز ، فالعمدة في الاستدلال هو الوجه الأوّل والثاني ، وكلّ منهما تامّ في محلّه.
أمّا الاحتمال الثالث وهو كون المراد من كلمة الحال زمان النطق فيمكن أن يستدلّ له بوجهين :
أحدهما : الاتّفاق على أنّ مثل « زيد ضارب غداً » مجاز فهو دليل على أخذ حال النطق في قولك « زيد ضارب » وإن قيّد « غداً » يوجب استعمالها في غير ما وضع له فيصير مجازاً.
ثانيهما : إنّ إطلاق الكلام في مثل « زيد ضارب » يتبادر منه حال النطق ، والتبادر دليل على كونه مأخوذاً في الموضوع له.
أقول : يمكن الجواب عن الوجه الأوّل بأنّا لا نسلّم كونه مجازاً إذا اتّحد زمان التلبّس مع زمان النسبة ، نعم إذا كان زمان الجري فيها هو زمان النطق ، وزمان التلبّس هو الغد فلا إشكال في مجازيته ، فإذا كان معنى الجملة إنّ زيداً متّصف بالضاربيّة الآن بملاحظة ضربه في الغد كان مجازاً ، وإن كان المراد من جملة « زيد ضارب غداً » أنّ زيداً يضرب غداً ، فيكون زمان النسبة والتلبّس كلاهما غداً ، فهو حقيقة بلا إشكال.
ويمكن الجواب عن الوجه الثاني بأنّه سيأتي أنّا وإن قلنا بكون المشتقّ حقيقة في المتلبّس بالمبدأ في حال النسبة لا حال النطق إلاّ أنّه لا كلام لنا في أنّ الظاهر في صورة عدم القرينة اتّحاد حال النسبة مع زمان النطق وانطباقه عليه.
ومنشأ الانصراف إلى زمان النطق اتّحاده غالباً مع زمان النسبة ، وإلاّ فإنّ المأخوذ في الموضوع له هو زمان النسبة ، والشاهد عليه كون الاستعمال حقيقة في صورة افتراقها عن