يكون المتقمّص بها متلبّساً بالظلم أصلاً كما لا يخفى.
ومنها : ما ثبت في محلّه في مسألة عصمة الأنبياء أنّه يعتبر في النبوّة والامامة أن يكون النبي أو الإمام معصوماً حتّى قبل نبوّته أو امامته ولا يكون لهما سابقة سيّئة ممّا تتنفّر النفوس به وإلاّ لا يمكن أن يكون قدوة واسوة ، ولا تطمئن النفوس إليه.
ومنها : ما أفاده بعض الأعلام وهو أنّه قد ورد في عدّة من الرّوايات النهي عن الصّلاة ( تحريماً أو تنزيهاً ) خلف المحدود بالحدّ الشرعي في زمانٍ مّا والمجذوم والأبرص وولد الزنا والأعرابي ، فتدلّ على أنّ المتلبّس بهذا لا يليق أن يتصدّى منصب الامامة للجماعة ، فتدلّ بالأولوية القطعيّة على أنّ المتلبّس بالظلم ( أي عبادة الأوثان ) أولى بعدم اللياقة للجلوس على كرسي الخلافة (١).
منها : أنّ حمل الآية على القسم الثالث يستلزم أن تكون من قبيل توضيح الواضح لوضوح عدم لياقة المتلبّس بالظلم وعبادة الأوثان لمنصب الخلافة حين تلبّسه بذلك.
فتخلّص من جميع ما ذكرنا أنّ القرائن الخارجيّة والداخليّة هي التي أوجبت حمل الآية على الأعمّ فلا يجوز الاستدلال بها في المقام.
الجواب الثاني : أنّه لا شكّ في تلبّس بعض الخلفاء في زمان مّا بعبادة الأوثان فإذا كان متلبّساً به في زمان كان محكوماً في ذاك الزمان بقوله تعالى : ( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) في خطابه لإبراهيم عليهالسلام ومن الواضح أنّه مطلق ، أي لا ينال عهدي هذا الظالم في هذا الحال وفي المستقبل ، ففي الحقيقة نتمسّك بإطلاق قوله تعالى : « لا ينال » في نفس زمان تلبّسه بالظلم ، فلا يتفاوت الحال في الاستدلال بالآية بين القول بالأعمّ والقول بالأخصّ.
بقي هنا شيء :
وهو ما أفاده بعض الأعلام من عدم ترتّب ثمرة على النزاع في المشتقّ أصلاً.
توضيحه : أنّ الظاهر من العناوين الاشتقاقيّة المأخوذة في موضوعات الأحكام أو متعلّقاتها ( بنحو القضايا الحقيقيّة ) هو أنّ فعلية الأحكام تدور مدار فعليتها حدوثاً وبقاءً ،
__________________
(١) راجع المحاضرات : ج ١ ، ص ٢٦١.