تعالى : ( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) إنّه لا يتوقّف الاستدلال بهذه الآية في مسألة الامامة على كون المشتقّ موضوعاً للأعمّ ، بل يتمّ الاستدلال ولو كان موضوعاً لخصوص المتلبّس.
توضيح ذلك : إنّ الوصف العنواني الذي يؤخذ موضوعاً للحكم في لسان الدليل على أقسام ثلاثة : فقد يكون لمجرّد الإشارة إلى المعنون من دون دخل للعنوان في الحكم أصلاً كقول الإمام عليهالسلام في جواب من سأله عن عالم يرجع إليه في مسائله الشرعيّة : « عليك بهذا الجالس » مشيراً إلى بعض أصحابه الذي كان يستحقّ هذه المنزلة لعلمه ووثاقته ، ومن الواضح أنّه ليس لعنوان الجلوس دخل في هذا الحكم إلاّبعنوان الإشارة إلى موضوعه الواقعي.
وقد يكون لأجل علّية العنوان للحكم لكن حدوثاً لا بقاءً بحيث إذا صدق عليه العنوان ولو آناً مّا ثبت الحكم ولو بعد زوال العنوان كما في قوله تعالى : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ )(١).
وقد يكون لأجل علّية العنوان للحكم حدوثاً وبقاء بحيث يدور الحكم مدار صدق العنوان فمهما صدق العنوان كان الحكم ثابتاً ، ومهما لم يصدق لم يثبت ، كما في الاجتناب عن النجس أو وجوب تقليد الأعلم ونحو ذلك.
والمشتقّ في الآية الشريفة لو كان من القسم الثالث فاستدلاله عليهالسلام بالآية ممّا يبتني على كون الظالم فيها حقيقة في الأعمّ ، إذ لو لم يكن حقيقة في الأعمّ لم يكن العنوان باقياً حين التصدّي.
أمّا لو كان من القسم الثاني فاستدلاله بالآية لا يبتنى على كون الظالم حقيقة في الأعمّ بل الاستدلال إنّما هو لأجل كفاية صدق عنوان الظالم ولو آناً مّا لعدم النيل إلى منصب الولاية إلى الأبد كما أنّه كذلك في الزاني والسارق ، ولا دليل على كون الآية من قبيل القسم الثالث بل جلالة قدر الامامة قرينة جليّة على كونها من قبيل القسم الثاني.
أقول : ونزيدك وضوحاً إنّ القرائن هنا كثيرة :
منها : ما مرّ من أنّ الآية الشريفة في مقام بيان عظمة مقام الامامة والخلافة الالهيّة ورفعة محلّها وأنّ لها خصوصيّة من بين المناصب الإلهيّة ، ومن المعلوم أنّ المناسب لذلك هو أن لا
__________________
(١) سورة النور : الآية ٢.