المبدأ ـ لا ينافي ذلك ، فإنّ الابهام في الجنس ابهام وجودي فلا تحصّل له إلاّبالفصل ، ولكن الابهام في المقام ليس من ناحية الوجود بل من ناحية المفهوم من الجهات العرضيّة فقط.
ثالثاً : سلّمنا ، إلاّ أن اللازم دخول الجنس في الفصل فيما إذا قلنا بدخول الذات في الوصف المنطقي أيضاً لا ما إذا قلنا بتجريد المنطقيين الناطق والضارب عن الذات ، والقول بأنّ المتبادر إلى ذهن أهل اللّغة هو المتبادر إلى ذهن المنطقي كما ترى.
وذكر المحقّق العراقي رحمهالله في وجه بساطة المشتقّ عن الذات مع القول بتركّبه من المبدأ والنسبة على نحو تقييده بها ، وجهين :
الأوّل : التبادر وأنّ المتبادر من المشتقّ هو المبدأ والنسبة ولا يتبادر منه الذات.
الثاني : أنّ للمشتقّ هيئة ومادّة فالمادّة ، تدلّ على المبدأ فقط والهيئة تدلّ على النسبة ، كذلك وليس هناك دالّ آخر يدلّ على الذات.
ثمّ قال : إن قلت : إنّ النسبة قائمة بطرفيها ، فكيف تتصوّر وتستفاد من المشتقّ بدون الذات؟
قلت : نفهم الذات بالدلالة الالتزاميّة لأنّ النسبة قائمة بطرفيها ، إحداهما ، هو الذات في الموضوع وثانيهما ، هو المبدأ المحمول كما نقول به أيضاً في جواب ما يقال : « من أنّ المشتقّ لا يخلو من أن يقع أحد الأمرين ، إمّا أن يقع موضوعاً أو محمولاً ، وفي كلا الحالين لا بدّ من وجود الذات ، أمّا إذا وقع موضوعاً فلأنّ المبدأ مع النسبة بدون الذات لا يبتدأ به ، وأمّا إذا وقع محمولاً فلأنّ الحمل يحتاج إلى اتّحاد بين الموضوع والمحمول ، وبدون أخذ الذات في المحمول لا يحصل الاتّحاد » فنقول في جوابه أيضاً إنّ المشتقّ يدلّ على الذات بالدلالة الالتزاميّة لا المطابقية حتّى تكون الذات جزءً من مفهوم المشتقّ ( انتهى ملخّص كلامه ) (١).
أقول : وفي كلامه مواقع للنظر :
الأوّل : أنّ الوجدان حاكم على تبادر الذات في المشتقّ عند إطلاقه فيتبادر من « السارق » من يسرق ، فتكون الذات جزء من معناه المطابقي لا الالتزامي.
الثاني : أنّ الوجدان حاكم أيضاً على أنّ الوحدة التي تكون بين المبتدأ والخبر هي الوحدة بين ذاتين تكونان مدلولين لهما بالدلالة المطابقية لا الوحدة بين المدلول المطابقي والمدلول الالتزامي.
__________________
(١) راجع بدائع الأفكار : ج ١ ، ص ١٧٠ و ١٧١.