كان بمعنى العلم ، فجملة « الله عالم » بمعنى « الله عين العلم ».
وأجاب المحقّق الخراساني رحمهالله على صاحب الفصول بأنّ المبدأ في صفاته تعالى وإن كان عين ذاته المقدّسة إلاّ أن هذا الاتّحاد والعينية يكون في الخارج لا في المفهوم ، والتغاير المفهومي كافٍ في صحّة الحمل.
واستشكل على كلامه : بأنّ المتبادر من تغاير المبدأ للذات في المشتقّات هو التغاير الخارجي مضافاً إلى التغاير المفهومي.
وأجاب المحقّق العراقي رحمهالله عن الإشكال بجواب ثالث وإليك نصّ ما ورد في تقريراته :
« التحقيق في الجواب أن يقال : إنّ أهل العرف لغفلتهم عن اتّحاد ذاته تعالى مع مبادىء صفاته الحسنى التي نطق بها البرهان الصادق ، يحملون عليه تعالى هذه العناوين المشتقّة بما لها من المفاهيم ، ويتخيّلون أنّ مطابقها في ذاته المقدّسة كما هو مطابقها في ذات غيره ، وليس ذلك إلاّ لإفادته المعاني التي تحصل من حمل هذه العناوين المشتقّة على ذاتٍ ما ، من الاتّصاف بمبادئها من العلم والقدرة والوجود ، فيقولون : أنّه تعالى عالم موجود كما يقولون زيد عالم موجود ، مع أنّهم يعتقدون أنّه تعالى لا موجود له ... » (١).
أقول : لا يخفى أنّ الإشكال بعد باقٍ على حاله بالإضافة إلى الاستعمالات الجارية على ألسنة الأنبياء والأولياء والجارية على لسان القرآن الكريم.
والجواب الرابع : ما ذهب إليه المحقّق النائيني رحمهالله (٢) وهو أنّه لا يعتبر في صحّة الحمل والجري تغاير المبدأ للذات ، وليس للتغاير دخل في مفهوم المشتقّ بل معنى العالم مثلاً من له العلم سواء كان هو غير العلم أو كان عينه ، وقد صرّح في المحاضرات (٣) باتّحاد هذا الجواب مع ما أفاده المحقّق الخراساني وهو كذلك لرجوعه إلى كفاية التغاير المفهومي وعدم اعتبار التغاير الخارجي في صحّة الحمل.
فيرد عليه أيضاً ما مرّ من أنّ هذا خلاف ما يتبادر منه ، لأنّ المتبادر من مفهوم المشتقّ تغاير الذات للمبدأ خارجاً.
__________________
(١) بدائع الأفكار : ج ١ ، ص ١٩٠ ؛ وراجع نهاية الأفكار : ج ١ ، ص ١٥٢.
(٢) راجع أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٨٥.
(٣) المحاضرات : ج ١ ، ص ٣٠٤.