عبدالله بن عمر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله بنفس التعبير.
وأمّا الرّواية الثانيّة فقد رواها الكليني رحمهالله عن سهل عن بكر بن صالح رفعه عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة فمن كان له في الجاهلية أصل فله في الإسلام أصل ». (١)
كما أنّها رويت أيضاً من طريق العامّة (٢) عن أبي هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوآله بتقديم الفضّة على الذهب. وكيف كان يمكن تفسير مجموع الحديثين بوجهين :
الوجه الأوّل : حمل قوله صلىاللهعليهوآله « السعيد سعيد في بطن امّه والشقي شقي في بطن امّه » على علم الباري تعالى بأنّه سيكون كذلك كما فسّره المعصوم عليهالسلام بذلك في رواية اخرى رواها ابن أبي عمير قال : سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام عن معنى قول رسول الله صلىاللهعليهوآله « الشقي من شقى في بطن امّه والسعيد من سعد في بطن امّه » فقال : « الشقي من علم الله وهو في بطن امّه أنّه سيعمل أعمال الأشقياء ، والسعيد من علم الله وهو في بطن امّه أنّه سيعمل أعمال السعداء ... الحديث » (٣) ، فلا إشكال في أنّ الحديث بهذا المعنى يخرج عن ظاهره ولا ينافي اختيار الإنسان في أعماله كما لا يخفى.
الوجه الثاني : ما ينطبق على كلا الحديثين وهو الحمل على اختلاف الاستعدادات والمقتضيات الذاتيّة للأفراد ، والروايتان كلتاهما تعبّران عن أنّ الناس يختلفون من ناحية الاستعداد الذاتي للطاعة أو العصيان ، فبعضهم قريب إلى الطاعة في ذاته وبعض آخر قريب إلى المعصية كذلك ، لكن لا على حدّ الإلزام والعلّة التامّة بل على حدّ الاقتضاء ، نظير ما نشاهده من اختلاف الأفراد في استعدادهم للصيام مثلاً فبعضهم يجد في نفسه استعداداً للصوم أكثر من الآخر ، إلاّ أنّ هذا لا يعنى أنّه مجبور على الصّيام وأنّ الآخر مجبور على تركه ، وهكذا في الامور العارضة على الذات كالتفاوت الجغرافي واختلاف المناطق في الحرارة الجويّة في المناطق الحارّة أو الباردة أو لجهة شغلية كالتفاوت الموجود بين الخبّاز والبقّال بالنسبة إلى
__________________
(١) الروضة من الكافي : ص ١٧٧ ، ح ١٩٧.
(٢) مسند أحمد بن حنبل : ج ٢ ص ٥٣٩.
(٣) بحار الأنوار : ج ٥ ، ص ١٥٧.