الترك ، أي إن طبيعة الطلب لا يتطرّق إليها الاذن بالترك فهي بظاهرها تقتضي الانبعاث ، ولا سبيل لعدم الانبعاث إليها ما لم يصرّح الآمر المولى بالترخيص فتنصرف حينئذٍ إلى الوجوب واللزوم ، ويشهد على ذلك عدم قبول اعتذار العبد بأنّي كنت أحتمل الندب ، بل يقال له « إذا قيل لك افعل فافعل ».
فظهر أنّ منشأ انصراف صيغة الأمر إلى الوجوب ودلالتها عليه إنّما هو طبيعة الطلب الظاهرة في سدّ جميع أبواب العدم ( عدم الطلب ) فيها ، وإن هو إلاّنظير الدفع باليد نحو الخروج فإذا دفعت إنساناً بيدك نحو الخروج لا مجال فيه لاحتمال استحبابه ، وكذا البعث بصيغة الأمر ( اخرج ) فإنّه شبيه البعث التكويني ، أي الدفع باليد ، ولا فرق في هذا الظهور بين كون الطلب من العالي أو المساوي أو الداني ، نعم بينها فرق في وجوب الإطاعة وعدمه ، وهذا بحث كلامي لا دخل له بما نحن فيه من البحث اللّفظي.
إن قلت : أيّة ثمرة تترتّب على هذا البحث ، مع العلم بأنّ المستفاد من صيغة الأمر هو الوجوب على جميع هذا الأقوال ومن أيّ منشأ كان.
قلنا : إنّ ثمرة هذا البحث تظهر فيما إذا علمنا بعدم كون المتكلّم في مقام البيان حيث تدلّ صيغة الأمر حينئذ على الوجوب بناءً على كونها من باب الوضع ولا تدلّ عليه بناءً على كونها من باب الإطلاق ومقدّمات الحكمة فإنّ من المقدّمات كون المتكلّم في مقام البيان ، إلى غير ذلك.
هذا كلّه في الفصل الأوّل من الفصول التي يبحث عنها في مبحث الأوامر.