القربة بل يكفي تحقّق ذواتها بأي نحو حصلت ولو بدون قصد القربة.
وحينئذ نقول : لو فرضنا كون الأجزاء في الصّلاة تسعة وتعلّق الأمر بها فيصير عشرة مع تقيّدها بقصد الأمر ، فينبسط الأمر على الجميع فيأتي بها بقصد الأمر الضمني ، وهو يرى أنّ الجزء العاشر يحصل بمجرّد ذلك ، فيكون الأمر الضمني في ضمن الكلّ ، والمحتاج إلى قصد الأمر هو الأجزاء لا الشرائط لعدم قيام دليل عليه.
السادس : سلّمنا إستحالة أخذ قصد الأمر في متعلّق الأمر ولكن الطريق في جعل عباديّة العبادات وأخذ قصد التقرّب بها في المتعلّق ليس منحصراً في أخذ قصد الأمر فيه بل يمكن لذلك أخذ قصد المحبوبيّة أو قصد المصلحة المعنويّة في المتعلّق فيقال مثلاً « صلّ بقصد المحبوبيّة أو قصد المصلحة المعنويّة » فإذا لم يأخذه المولى في المتعلّق وأطلقه نتمسّك بإطلاقه لعدم اعتبار قصد القربة وعدم كون الواجب تعبّديّاً.
ثمّ إنّه قد ذُكر هيهنا طريق آخر لأخذ قصد الأمر في المأمور به ، وهو ما أفاده الشّيخ الأعظم رحمهالله على ما في تقريراته ، ثمّ ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله فيما أورده على نفسه رابعاً ، وهو عبارة عن تصحيح اعتبار قصد الأمر في المأمور به من طريق أمرين : أحدهما : يتعلّق بذات العمل ، والآخر : بإتيانه بداعي أمره ، فلو لم يعتبر المولى قصد القربة بواسطة أمر ثانٍ وكان هو في مقام البيان نستكشف عدم اعتباره.
ثمّ أجاب المحقّق الخراساني رحمهالله عنه :
أوّلاً : بأنّا نقطع بأنّه ليس في العبادات إلاّ أمر واحد كسائر الواجبات التوصّلية.
وثانياً ( وهو العمدة ) بأنّ الأمر الأوّل المتعلّق بأصل الفعل إن كان توصّلياً يسقط بمجرّد الإتيان بالفعل ولو بداعي أمره فلا يكاد يبقى مجال لموافقة الأمر الثاني ، لسقوط الأمر الأوّل بمجرّد الإتيان بالفعل لا بداعي أمره ، وإن كان تعبّديّاً لا يسقط بمجرّد الإتيان بالفعل بغير داعي أمره ، فلا وجه لعدم السقوط إلاّكون الواجب عباديّاً لا يحصل الغرض منه إلاّمع الإتيان به بداعي أمره ، ومع كون الواجب كذلك يستقلّ العقل لا محالة بوجوب إتيانه على نحو يحصل به الغرض أي بداعي أمره وعلى وجه التقرّب به من دون حاجة إلى أمر آخر بإتيانه كذلك.
أقول : يرد على جوابه الأوّل : بأنّه يوجد في باب العبادات أمران : أحدهما : متعلّق بذات