العمل وهو واضح ، والآخر : بإتيانه بداعي أمره ، وهو ما يستفاد من إجماع الفقهاء على اعتبار قصد القربة فإنّه كدليل منفصل وارد بعد الأوامر العباديّة.
فإنّ المقصود من الأمر إنّما هو الدليل الكاشف عن قول المعصوم عليهالسلام ولا إشكال في أنّ الإجماع دليل شرعي يوجب القطع بصدور أمر من المعصوم عليهالسلام يدلّ على اعتبار قصد القربة.
ويرد على جوابه الثاني : أنّا نختار الشقّ الثاني من كلامه وهو كون الأمر الأوّل تعبّديّاً لا يسقط بمجرّد الإتيان بالفعل بغير داعي أمره ولكن مع ذلك لا يكون الأمر الثاني لغواً ، لأنّ الكاشف عن تعبّديّة الأمر الأوّل وعدم حصول الغرض منه إلاّبداعي أمره إنّما هو الأمر الثاني ، وليس هناك دليل آخر في مقام الإثبات إلاّ الأمر الثاني.
ثمّ إنّه لو فرضنا استحالة أخذ قصد الأمر في المأمور به بأمر واحد وانحصار طريق أخذه في أمرين ، فلا إشكال في أنّ الإطلاق الذي يتمسّك به في صورة عدم أخذ قصد الأمر بأمر ثانٍ ليس إطلاقاً لفظيّاً لأنّ المفروض عدم إمكان تقييد الأمر الأوّل بقصد الأمر حتّى يتصوّر فيه الإطلاق ، بل هو إطلاق مقامي ، وهو عبارة عن كون المولى في مقام بيان حكم أفراد كثيرة من دون أن يصوغه في قالب لفظي شامل لجميع الأفراد بل يذكر حكم كلّ فرد فرد بصيغته الخاصّة فيقول مثلاً : « كبّر ، اسجد ، اركع ... » فحينئذٍ لو شككنا في وجوب جزء خاصّ أو قيد خاصّ فليس هنا لفظ كان من الممكن أن يقيّده بذلك الجزء ، ومثل أن يقول السائل : « بيّن لي الأغسال الواجبة » وأجاب الإمام عليهالسلام غسل الجنابة والحيض و ... من دون ذكر غسل الجمعة ، فيعلم منه بمقتضى الإطلاق المقامي عدم وجوبه ، أي أنّ المولى كان في مقام لو تعلّق غرضه بجزء آخر لذكره ، وحيث إنّه لم يذكره فلم يقل مثلاً « اقنت » في عرض سائر الأجزاء نستكشف عدم وجوبه ، وهذا نظير ما إذا قام الدائن في مقام تصفية الديون فأحصى كلّ مورد مورد من موارد الدين وترك المجلس بعنوان التصفية فلو شكّ المدين بعدئذٍ في وجود طلب آخر فله أن يتمسّك بإطلاق المقام ويقول : حيث إنّ الدائن كان في مقام التصفية ولم يذكر هذا المورد فهذا دليل على عدم بقاء مورد آخر لدينه ، فهذا إطلاق مقامي من باب أنّه ليس في البين لفظ صدر من جانب الدائن كقوله « لا دين لي عليك » حتّى يتمسّك بإطلاقه.
فتلخّص من جميع ما ذكرنا أنّه يمكن أخذ قصد القربة في المأمور به بثلاثة طرق : ١ ـ أخذ قصد الأمر في متعلّق الأمر الأوّل ، ٢ ـ أخذ قصد الأمر في الأمر الثاني ، ٣ ـ أخذ مطلق قصد القربة في المتعلّق الأعمّ من قصد الأمر وقصد المحبوبيّة وغيرهما ، وقد عرفت جواز الجميع.