الكفائي حيث إنّ الأمر فيه متعلّق بنفس الطبيعة ويكون جميع المكلّفين مأمورين باتيانها فمع إتيان واحد منهم يسقط الوجوب عن الباقي ، وأمّا لو أتى به عدّة منهم دفعة يعدّ كلّ واحد ممتثلاً ويحسب لكلٍ امتثال مستقلٍ لا أن يكون فعل الجميع امتثالاً واحداً ( انتهى ).
ثمّ أورد عليه : بأنّ وحدة الامتثال وكثرته بوحدة الطلب وكثرته لا بوحدة الطبيعة وكثرتها ، ضرورة أنّه لولا البعث لم يكن معنى لصدق الامتثال وإن أوجد آلاف من أفراد الطبيعة ... إلى أن قال : وقياسه بالواجب الكفائي قياس مع الفارق لأنّ البعث في الواجب الكفائي يتوجّه إلى عامّة المكلّفين بحيث يصير كلّ مكلّف مخاطباً بالحكم ، فهناك طلبات كثيرة وامتثالات عديدة لكن لو أتى واحد منهم سقط البعث عن الباقي لحصول الغرض وارتفاع الموضوع ... بخلاف المقام » (١).
أقول : يمكن المناقشة في إيراده :
أوّلاً : بأنّه لو لم يكن كلّ مصداق امتثالاً برأسه لزم منه أن يكون الامتثال بأحد المصاديق لا بعينه ، ومن الواضح أنّ الواحد لا بعينه غير موجود في الخارج وإنّما هو من مخترعات الذهن ، فتأمّل.
ثانياً : أنّ قياس ما نحن فيه بالواجب الكفائي ليس قياساً مع الفارق بناءً على القول بأنّ متعلّق الواجب الكفائي عنوان « أحد المكلّفين » أو « جماعة من المكلّفين » وأنّه ليس المتعلّق جميعهم وأنّه مثل قول المولى « ليقم واحد منكم ويفتح الباب » وعلى كلّ حال الحقّ ما أفاده المحقّق البروجردي رحمهالله.
توضيح ذلك : إنّ المسألة لا تخلو عن احتمالات :
إمّا أن لا يكون هناك امتثال في الأمثلة المذكورة ، وفي مثل قوله : « أطعم فقيراً لكفّارة الصّيام » ، فأطعم فقراء في مجلس واحد ، مع عدم كون المطلوب بشرط لا ، فهذا ممّا لا مجال له قطعاً بل حصل الامتثال بطريق أكمل.
وإمّا أن يكون المطلوب الواحد لا بعينه ، أو المجموع من حيث المجموع ، ومن الواضح أنّ شيئاً من هذين العنوانين غير موجود في الخارج ، فالواحد لا بعينه موجود ذهني كما أنّ
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ١١٣٢ ، طبع مهر.