دلّ دليل في مقام الإثبات على عدم حصول الغرض الأقصى للمولى نعمل به من دون محذور.
الأمر الثالث : في أنّه هل المراد من المرّة والتكرار هو الفرد والأفراد ، أو الدفعة والدفعات؟ والفرق بينهما واضح حيث إنّه إذا كان المراد منهما هو الأوّل فبناءً على دلالة صيغة الأمر على المرّة لا بدّ في مقام الامتثال من إتيان فرد واحد ولا يجوز إتيان أكثر من الواحد ولو بدفعة واحدة ، بينما إذا كان المراد هو الدفعة والدفعات فبناءً على دلالة صيغة الأمر على المرّة يمكن إتيان أفراد عديدة دفعة واحدة.
وقد ذهب صاحب الفصول إلى الثاني ، واستدلّ بأنّه لو كان المراد هو الأوّل كان الأنسب بل اللازم أن يجعل هذا المبحث تتمّة للمبحث الآتي ، وهو البحث عن تعلّق الأوامر بالطبائع أو بالافراد ، فإنّ المبحوث عنه هناك أنّ الأمر متعلّق بالطبيعة أو بالفرد وعلى القول بتعلّقه بالفرد هل يقتضي الفرد الواحد أو الأفراد؟ فيكون النزاع في ما نحن فيه جارياً على أحد القولين في تلك المسألة.
ولكن الحقّ أنّه لا ربط بين المسألتين ، أي يجري النزاع هنا حتّى على القول بتعلّق الأمر بالطبيعة فإنّا نقول : ولو كان متعلّق الأمر هو الطبيعة مع ذلك لا يجب إتيان أكثر من فرد واحد ولو في دفعة واحدة بنفس البيان السابق من اقتضاء مقدّمات الحكمة ذلك ، فلو قال المولى مثلاً « اعتق الرقبة » فلا يجوز عتق رقاب متعدّدة ولو في دفعة واحدة بعنوان امتثال واحد ، نعم أنّه يجوز بناءً على ما مرّ آنفاً من جواز تبديل الامتثال أو تكراره في ما إذا لم يحصل الغرض الأقصى للمولى.
فتلخّص : أنّ المراد من المرّة والتكرار إنّما هو الفرد والأفراد لا الدفعة والدفعات.
الأمر الرابع : في أنّه إذا أتى دفعة واحدة بافراد كثيرة فبناءً على تعلّق الأمر بالطبيعة هل يعدّ هذا امتثالاً واحداً أو امتثالات متعدّدة؟
نقل عن المحقّق البروجردي رحمهالله في تهذيب الاصول بأنّه امتثالات متعدّدة محتجّاً بأنّ الطبيعة متكثّرة بتكثّر الأفراد ولا يكون فردان أو أفراد منها موجودة بوجود واحد ، لأنّ المجموع ليس له وجود غير وجود الأفراد ، فكلّ فرد محقّق للطبيعة ، ولمّا كان المطلوب هو الطبيعة بلا تقيّد بالمرّة أو التكرار ، فحينئذٍ إذا أتى المكلّف بافراد متعدّدة فقد أوجد المطلوب في ضمن كلّ فرد مستقلاً ، فيكون كلّ امتثالاً برأسه كما هو موجود بنفسه ، ونظير ذلك الواجب