( كما إذا أمر المولى بإهراق الماء في فمه لرفع عطشه فأهرقه العبد ) فلا يجوز ، وما إذا لم يكن الامتثال علّة تامّة لذلك ( كما إذا أمر بالماء ليشربه فأتى به ولم يشربه ) فعند ذلك له تبديل الامتثال ، أي يأتي بفرد آخر أحسن من الأوّل على أن يكون به الامتثال أيضاً لا بخصوص الفرد الأوّل.
وأورد عليه في المحاضرات : « بأنّ الصحيح هو عدم جواز الامتثال بعد الامتثال ، وذلك لأنّ مقتضى تعلّق الأمر بالطبيعة بدون تقييدها بشيء ( كالتكرار أو نحوه ) حصول الامتثال بإيجادها في ضمن فرد ما في الخارج ، لفرض انطباقها عليه قهراً ، ولا نعني بالامتثال إلاّ انطباق الطبيعة المأمور بها على الفرد المأتي به في الخارج ، ومعه لا محالة يحصل الغرض ويسقط الأمر ، فلا يبقى مجال للامتثال مرّة ثانيّة لفرض سقوط الأمر بالامتثال الأوّل وحصول الغرض به ، فالإتيان بها بداعيه ثانياً خلف ... ( إلى أن قال ) : ومن ضوء هذا البيان يظهر نقطة الخطأ في كلام صاحب الكفاية وهي الخلط بين الغرض المترتّب على وجود المأمور به في الخارج من دون دخل شيء آخر فيه وبين غرض الآمر ، كرفع العطش مثلاً حيث إنّ حصوله يتوقّف على فعل نفسه وهو الشرب زائداً على الإتيان بالمأمور به ، ومن الطبيعي أنّ المكلّف لا يكون مأموراً بإيجاده وامتثاله ، لخروجه عن قدرته واختياره ، فالواجب على المكلّف ليس إلاّتمكين المولى من الشرب وتهيئة المقدّمات له ، فإنّه تحت اختياره وقدرته وهو يحصل بصرف الامتثال الأوّل » (١).
أقول : الحقّ هو جواز تبديل الامتثال وإنّ هذا البيان ليس جواباً عن ما ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله من مثال تبديل ماء بماء أحسن قبل شربه وإهراق الأوّل ، فهل هذا تبديل للامتثال بآخر أو تكرار الامتثال فيما إذا أتى بماء أحسن من دون إهراق الماء الأوّل ، أي وضع ماء آخر إلى جنب الماء الأوّل أم لا؟ لا إشكال في أنّه وإن حصل الغرض من فعل العبد ولكن حيث إنّ غرض الآمر لم يحصل بعدُ يجوز عند العرف والعقلاء إتيان فرد آخر وإنّهم يعدّونه امتثالاً آخر لأمر المولى بل يمدحونه عليه ، ولعلّ جواز إتيان الصّلاة جماعة بعد إتيانها فرادى في الشرع من هذا الباب ، فالصحيح هو إمكان تبديل الامتثال أو تكراره في مقام الثبوت ، فلو
__________________
(١) المحاضرات : ج ٢ ، ص ٢٠٩.