بقي هنا شيء :
وهو أنّه لو لم يمتثل المكلّف المأمور به فوراً فهل يجب عليه الإتيان فوراً ففوراً بناءً على القول بالفوريّة ، أو يسقط الحكم بالمرّة ، أو تسقط فوريته؟
قال المحقّق الخراساني رحمهالله في الكفاية : إنّ المسألة مبنية على أنّ مفاد الصيغة على القول بالفور هو وحدة المطلوب أو تعدّده؟ فإن كان على نحو تعدّد المطلوب بأن كان الإتيان بالمأمور به مطلوباً وإتيانه على الفور مطلوباً آخر ، فالواجب الإتيان به لو عصى في الفور ، وأمّا لو كان المجموع مطلوباً واحداً سقط الوجوب بعد عصيان الفوريّة ، ثمّ أضاف إليه بأنّه لو قيل بدلالتها على الفوريّة لما كان لها دلالة على نحو المطلوب من وحدته أو تعدّده ، ولازم ما ذكره كون الأمر ساكتاً عن الوحدة والتعدّد ، وعند الابهام من هذه الناحية يجب الرجوع إلى الاصول.
أقول : إن قلنا بأنّ الفوريّة مستفادة من البعث وإنّ بعث المولى مفهومه الانبعاث فوراً فهذا يدلّ على الانبعاث فوراً ففوراً ، ولا يسقط الحكم إلاّبإنعدام الموضوع أو الامتثال أو مضيّ الزمان إذا كان موقتاً وإلاّ وجب الإتيان به فوراً ففوراً.
والحاصل : أنّ طبيعة البعث كما عرفت تقتضي الفوريّة بحيث لا يسقط المطلوب بعصيان الفوريّة في زمان ، وظهر من ذلك أنّه لا ربط لها بمسألة تعدّد المطلوب كما يظهر من الأوامر في الموالي العرفيّة ، إلاّ أن يدلّ دليل خاصّ على سقوط الطلب عند عصيانه فوراً.