الحكم المماثل كما سيأتي في باب الأمارات وحينئذٍ يكون الإشكال هذا وارداً عليه ).
أضف إلى ذلك ما قد مرّ سابقاً من الإشكال في المبنى من أنّه لا معنى محصّلاً لتعلّق الجعل بالعلم ، فلا يمكن أن يكون المجعول في باب الأمارات كون الأمارة علماً تعبّداً لأنّه من الامور التكوينيّة التي لا تصل إليها يد الجعل بل مجاله الامور الاعتباريّة كما لا يخفى.
٥ ـ « إنّ الحكومة لو كانت واقعية فلابدّ من ترتيب جميع آثار الواقع لا خصوص الشرطيّة ، فلابدّ وأن لا يحكم بنجاسة الملاقي لما هو محكوم بالطهارة ظاهراً ولو انكشف نجاسته بعد ذلك ، ولا أظنّ أن يلتزم به أحد » (١).
أقول : ويمكن الجواب عنه أيضاً بأنّ صاحب الكفاية لم يدّع حكومة أصالة الطهارة على ما دلّ على أنّ كلّ شيء لاقى نجساً فقد تنجّس ، بل هي حاكمة على أدلّة الواجبات وشرائطها ، وأمّا الأحكام الوضعية مثل النجاسة بالملاقاة فهي تابعة لواقعها ، فلو انكشف الخلاف وجب التطهير.
فلم يبق من الإشكالات عليه إلاّ الثالث ، وهو كون الحكومة هنا ظاهريّة ما دام الشكّ موجوداً.
ثمّ إنّ هيهنا كلام أفاده في تهذيب الاصول يشبه مقالة المحقّق الخراساني رحمهالله في المقام ، حيث إنّه فصّل أيضاً بين الاصول والأمارات وقال بالإجزاء في الاصول بدعوى حكومة أدلّة الاصول على أدلّة الشرائط والإجزاء ، وبعدم الإجزاء في الأمارات وقال : « التحقيق عدم الإجزاء فيها بناءً على الطريقية كما هو الحقّ وفاقاً لجملة من المحقّقين سواء قلنا بأنّ الطرق التي بأيدينا كلّها طرق وأمارات عقلائيّة وليس للشرع أمارة تأسيسية بل لم يرد من الشارع أمر باتّباعها وإنّما استكشفنا من سكوته وهو بمرآه ، رضائه ، ومن عدم ردعه إمضائه ، أم قلنا بورود أمر منه بالاتّباع لكنّه بنحو الإرشاد إلى ما هو المجبول والمرتكز في فطره العقلاء ، أم قلنا بأنّ الطرق المتعارفة في الفقه ممّا أسّسها الشارع كلّها أو بعضها وصولاً إلى الواقع ، ولم يكن عند العقلاء منها عين ولا أثر.
توضيح ذلك : أمّا على الوجهين الأوّلين فلأنّ المتّبع فيهما حكم العقلاء وكيفية بنائهم ، ولا
__________________
(١) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ١٩٨ ـ ١٩٩.