عليها مصالحها الواقعيّة ـ فيما لو تحقّقت تلك الشروط في ظرفها ، كذلك العبادات الشرعيّة حيث ينتزع منها هذا العنوان وتترتّب عليها مصالحها الخاصّة بعد تحقّق جميع الأجزاء والشرائط ، فقبل تحقّق الشرط المتأخّر لا تتحقّق مصلحة حتّى يستلزم انخرام قاعدة العلّية.
وما قد يقال : من « أنّ الاعتبار ليس مجرّد لقلقة اللسان بل للاعتبار واقع ، غايته أنّ واقعها عين اعتبارها ، وبعد اعتبار شيء شرطاً لشيء وأخذه مفروض الوجود في ترتّب الحكم عليه كما هو الشأن في كلّ شرط كيف يمكن تقدّم الحكم على شرطه » (١)
يدفعه : أنّه من قبيل قياس الشرائط الشرعيّة بالشرائط التكوينيّة ، فإنّ أخذ الشرط مفروض الوجود في ترتّب الأثر إنّما هو في التكوينيات لا في الاعتباريات كما هو ظاهر ، فلا مانع من جعل المتأخّر شرطاً في الاعتباريات.
ثمّ إنّ المحقّق النائيني رحمهالله ذهب إلى امتناع الشرط المتأخّر وأنّه يؤول إلى الخلف والمناقضة ، وحاصل كلامه : أنّ القضايا في الأحكام الشرعيّة قضايا حقيقية والمجعول الشرعي في القضايا الحقيقية لو قلنا بأنّه هي السببيّة دون المسبّبات عند وجود أسبابها لكان تأخّر الشرط عن المشروط به من تأخّر العلّة عن معلولها حقيقة ، وهو واضح الاستحالة ، وإذا قلنا بأنّ المجعول الشرعي هو نفس المسبّب وانما تنتزع السببيّة من جعل المسبّبات عند امور خاصّة كما هو الحقّ فلابدّ من أن يكون نسبة الشرائط إلى الأحكام نسبة الموضوعات إليها فكما يمتنع وجود المعلول قبل وجود علّته للزوم الخلف والتناقض ، كذلك يمتنع وجود الحكم قبل وجود موضوعه المقدّر وجوده في مقام الجعل (٢).
وفيه : أنّه سيأتي في البحث عن الواجب المشروط أنّ الشرائط لا ترجع إلى قيود الموضوع بل أنّها من شرائط الحكم نفسه ومن قيوده ، فانتظر.
فظهر ممّا ذكرنا أنّ الحقّ إمكان الشرط المتأخّر أو المتقدّم عقلاً في الامور الاعتباريّة خلافاً للمحقّق الخراساني والمحقّق النائيني رحمهالله.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ جميع الشروط المذكورة في هذا التقسيم إنّما هي داخلة في محلّ
__________________
(١) فوائد الاصول : ج ١ ، ص ٢٨١.
(٢) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٢٢٥.