فإنّه حكم بترتّب الثواب على إتيان المقدّمة أيضاً ، لما يحصل منه من اللياقة والتقرّب كما مرّ.
هذا ـ مضافاً إلى أنّ لازم كلامه رفع اليد عن ظواهر الآيات والرّوايات ( وحملها على بعض المحامل كما أنّ المحقّق الخراساني رحمهالله حملها على توزيع ثواب ذي المقدّمة على المقدّمة وأنّ المقدّمات مهما كثرت إزداد ثواب ذي المقدّمة لصيرورته حينئذٍ من أفضل الأعمال حيث صار أشقّها وأحمزها ) مع أنّه تكلّف واضح.
وممّا ذكرنا ظهر حال سائر الأقوال في المسألة وجوابها.
ثمّ إنّه يمكن أن يقال : إنّ الثواب كما يترتّب على المقدّمات يترتّب على لوازم المقدّمات أيضاً ، فكما يترتّب الثواب على تهيئة الزاد والراحلة وطيّ الطريق في مثال الحجّ ، كذلك يترتّب على تحمّل الأذى والتعب في هذا الطريق أو المرض الذي يعرضه فيه ، ويدلّ عليه ملاحظة العناوين الواردة في الآية المزبورة حيث إنّ أكثر هذه العناوين وهي « الظمأ » و « النصب » و « المخمصة » وما ينالونه من العدوّ من المصائب البدنيّة أو الماليّة أو العرضيّة ، وهكذا قطع الوادي حين الرجوع من الجهاد من ملازمات الفعل لأنفسه كما لا يخفى.
إن قلت : لازم ترتّب الثواب على فعل المقدّمة ترتّب العقاب على تركها ، وهو ممّا لا يمكن الالتزام به.
قلنا : بل نلتزم به فيما إذا ترك مقدّمة الواجب بقصد أن يترك ذيها ، وذلك لأنّ ترك المقدّمة مع هذا القصد يوجب بُعداً عن الله تعالى وهو ملاك العقاب ، مثل ما إذا منع الآخرين من بناء المساجد لكي يمنع الناس عن الصّلاة والعبادة ، نعم إذا ترك مقدّمة الواجب لا بقصد ترك أمر المولى سبحانه بل لما سوّلت له نفسه وغلبه هواه ( كما ورد في بيان الإمام السجّاد عليهالسلام في دعاء أبي حمزة الثمالي : إلهي لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد ولا بأمرك مستخفّ ... ولكن خطيئة عرضت وسوّلت لي نفسي وغلبني هواي وأعانني عليها شقوتي وغرّني سترك المُرْخى عليّ ) فلا يعاقب على ترك المقدّمة عقاباً مستقلاً على عقاب ترك ذيها ، نعم لمّا كان تركها سبباً لترك الواجب فهو تارك للواجب عالماً عامداً.
ومن هنا يعلم ترتّب العقاب على فعل مقدّمة الحرام إذا أتى بها بقصد الإيصال إلى الحرام وقد صرّح به في بعض الرّوايات نظير ما ورد في شرب الخمر : « إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لعن في الخمر عشرة ، غارسها وحارثها وعاصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها